وأقبلت الشيعة تختلف إليه ، فلمّا اجتمعت إليه جماعة منهم قرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السّلام) فأخذوا يبكون.
[و] قام عابس بن أبي شبيب الشاكري (١) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، فإنّي لا أخبرك عن النّاس ولا أعلم ما في أنفسهم ، وما أغرّك منهم ، والله ، لأحدّثنك عمّا أنا موطّن نفسي عليه ، والله ، لأجيبنّكم إذا دعوتم ولا قاتلنّ معكم عدوّكم ، ولا ضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله ، لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله.
فقام حبيب بن مُظاهر الفقعسي [الأسدي] فقال :
رحمك الله ، قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك.
ثمّ قال :
وأنا والله ، الذي لا إله إلاّ هو ، على ما هذا عليه.
ثمّ قال الحنفي (٢) مثل ذلك.
واختلفت الشيعة إليه حتّى علم مكانه ، فبلغ ذلك النّعمان بن بشير (٣).
_________________
الحجّاج الثقفي ٦ / ١١٠. وقتل مصعب زوجته ، عمرة بنت النّعمان بن بشير ، وأطلق زوجته الآخرى اُمّ ثابت بنت سمرة بن جندب ٦ / ١١٢ وفي سنة (٧١ هـ) حارب مصعب عبد الملك ، وكان زائدة بن قدامة الثقفي حاضراً ، فقتل مصعباً ، وقال : يا لثارات المختار! ٦ / ١٥٩ وكانت دار المختار لزيقة المسجد ـ أي : بجانبه ـ فابتاعها عيسى بن موسى العبّاسي من ورثة المختار سنة (١٥٩ هـ) ٨ / ١٢٢.
ويبدو أنْ علّة اتّخاذ داره مقرأ لمسلم (عليه السّلام) ؛ كونه صهر النّعمان بن بشير أمير الكوفة ، وكفى بهذا [ستراً] هذا ، ولا سيّما إذا أصفنا إلى ذلك ، خبر الطبري : كانت الشيعة تشتم المختار وتعتبه لمَا كان منه في أمر الحسن بن علي (عليهما السّلام) ، يوم طُعن في مظلم ساباط فحمل إلى أبيض المدائن ٥ / ٥٦٩.
(١) وبعد هذا ذهب بكتاب مسلم بن عقيل (عليه السّلام) إلى الإمام (عليه السّلام) ٥ / ٣٧٥ ثمّ كان معه حتّى قُتل ٥ / ٤٤٤ ، وهو من همدان.
(٢) هو : سعيد بن عبد الله الحنفي ، رسول أهل الكوفة إلى الإمام (عليه السّلام) ، وكان قد رجع إلى الكوفة بجواب الإمام إليهم.
(٣) ٥ / ٣٥٥. قال أبو محنف : حدّثني نمير بن وعلة ، عن أبي الودّاك ، قال : خرج إلينا النّعمان بن بشير ،