عائدي العشيّة ، فإذا جلس فاخرج إليه فاقتله ، ثمّ اقعد في القصر ليس أحد يحول بينك وبينه ، فإنْ بُرءت من وجعي هذا أيّامي هذه ، سرت إلى البصرة وكفيتك أمرها.
فلمّا كان من العشي أقبل عبيد الله [ابن زياد] لعيادة شريك [الحارثي] فقام مسلم بن عقيل ليدخل ، وقال له شريك : لا يفوتنّك إذا جلس. فقام هانئ بن عروة إليه ، فقال : إنّي لا أحبّ أنْ يُقتل في داري ـ كأنّه استقبح ذلك ـ. فجاء عبيد الله بن زياد فدخل فجلس فسأل شريكاً عن وجعه ، وقال : ما الذي تجد؟ [و] طال سؤاله إياه.
و [لمّا] رأى [شريك] أنّ [مسلم] لا يخرج ، خشي أنْ يفوته فأخذ يقول : ما تنظرون بسلمى أنْ تحيّوها أسقنيها وإنْ كانت فيها نفسي. قال ذلك مرّتين أو ثلاثاً.
فقال عبيد الله : ما شأنه ، أترونه يهجر؟
فقال له هانئ : نعم ، أصلحك الله! ما زال هذا دُيدنه قُبيل عماية الصبح حتّى ساعته هذه.
[فـ] ـقام [ابن زياد و] انصرف.
فخرج مسلم. فقال له شريك : ما منعك من قتله؟ فقال : خصلتان.
أمّا أحدهما ، فكراهة هانئ أنْ يُقتل في داره.
وأمّا الآخرى ، فحديث حدّثه النّاس عن النبيّ (صلّى الله عليه [وآله]) : «إنّ الإيمان قيد الفتك ، ولا يفتك مؤمن».
فقال هانئ : أمَا والله ، لو قتلته لقتلت فاسقاً فاجراً كافراً غادراً ، ولكن كرهت أنْ يُقتل في داري! (١)
_________________
(١) عن أبي مِخْنف : عن المعلّى بن كليب عن أبي الودّاك ، قال ... ٥ / ٣٦١.