بن الأشعث بما وعده ، بأن يهب له هانئاً حذراً من عداوة قومه ؛ لأنّه هو الذي ذهب به إليه] ، فأمر بهانئ بن عروة ، فقال : أخرجوه إلى السّوق فاضربوا عنقه.
فأُخرج بهانئ ، وهو مكتوف حتّى انتهي به إلى مكان من السّوق يُباع فيه الغنم ، فجعل يقول : وامذحجاه! ولا مذحج لي اليوم! وامذحجاه! وأين منّي مذحج!
فلمّا رأى أنّ أحداً لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتّاف ، ثمّ قال : أمَا من عصا أو سكّين أو حجر أو عظم يجاحش (١) به رجل عن نفسه؟
ووثبوا إليه فشدّوه وثاقاً ، ثمّ قِيل له : أمدد عنقك.
فقال : ما أنا بها مجدٍ سخيّ ، وما أنا بمعينكم على نفسي.
[فتقدّم] مولى تركي لعبيد الله بن زياد ، يقال له رشيد (٢) ، فضربه بالسّيف فلمْ يصنع سيفه شيئاً.
وقال هانئ : إلى الله المعاد! اللّهمّ ، إلى رحمتك ورضوانك!
ثمّ ضربه أخرى فقتله (٣) [رحمة الله عليه ورضوانه ، وذهبوا برأسه إلى ابن زياد] (٤).
_________________
(١) أي : يدافع.
(٢) بصر بن عبد الرحمن بن الحصين المرادي بحازر مع عبيد الله بن زياد ، فقال النّاس : هذا قاتل هانئ بن عروة ، فحُمل عليه ابن الحصين بالرمح فطعنه ، فقتله ٥ / ٣٧٩. وفي الإرشاد / ٢١٧ ، وفي الخواص / ٢١٤.
(٣) قال أبو مِخْنف : حدّثني الصقعب بن زهير ، عن عون بن ابي جحيفة ٥ / ٣٧٨.
(٤) لمْ ينقل الطبري هنا : أنّهما جرّا بأرجلهما في السّوق ، ولكنّه بعد هذا نقل ذلك عن نفس أبي مِخْنف ، عن أبي جناب الكلبي ، عن عدي بن حرملة الأسدي ، عن عبد الله بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديين ، عن بكير بن المثعبة الأسدي ، قال : لمْ أخرج من الكوفة حتّى قُتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، فرأيتهما يجرّان بأرجلهما في السّوق ٥ / ٣٩٧. وذكر الخوارزمي ٢ / ٢١٥ ، وابن شهر آشوب ٢ / ٢١٢ : أنّ ابن زياد صلبهما بالكناسة منكوسين.