[الصفاح] (١)
عن عبد الله بن سليم [الأسدي] والمذري [بن المُشمَعلّ الأسدي] قالا : أقبلنا حتّى انتهينا إلى الصفاح فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر (٢). فواقف حسيناً (عليه السّلام) ، فقال له : أعطاك الله سؤلك وأمّلك فيما تحبّه.
فقال له الحسين (عليه السّلام) : «بيّن لنا نبأ النّاس خلفك».
فقال له الفرزدق : من الخبير سألت ، قلوب النّاس معك وسيوفهم مع بني اُميّة والقضاء ينزل من السّماء ، والله ، يفعل ما يشاء.
فقال له الحسين (عليه السّلام) : «صدقت لله الأمر ، والله يفعل ما يشاء ، وكل يوم ربّنا في شأن ، إنْ نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه ، وهو المستعان على أداء الشكر ، وإنْ حال القضاء دون الرجاء ، فلمْ يعتدّ مَن كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته».
_________________
(١) الصفاح : بين حنين وأنصاب الحرّم ، يسرة الداخل إلى مكّة.
(٢) هو : همام بن غالب بن صعصعة ، وعمّاه : ذهيل والزحاف ، كانا في ديوان زياد بن سميّة في البصرة على ألفين ألفين ، وهجا بني نهشل وفقيم فاستعدّوه عند زياد فطلبه فهرب. فكان إذا نزل زياد البصرة نزل هو الكوفة ، وإذا نزل زياد الكوفة نزل الفرزدق البصرة. وكان زياد ينزل البصرة ستّة أشهر والكوفة ستّة أشهر ، ثمّ ذهب إلى الحجاز فلمْ يزل بمكّة والمدينة لاجئاً من زياد إلى سعيد بن العاص حتّى هلك زياد ٥ / ٢٤٢ ـ ٢ ٥ ٠ ، فهجاه وهجا راثيه ، يقول :
بكيت امرءاً من آل سفيان كافرا |
|
ككسرى على عدوأنّه أو كقيصرا |
٥ / ٢٩٠
ثمّ رجع إلى البصرة ، فكان بها وحجّ سنة ستّين باُمّه ؛ ولذلك لمْ يصحب الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٣٨٦ ونظم الشعر للحجّاج ٦ / ٣٨٠ ـ ٣٩٤. وكان في بلاط سليمان بن عبد الملك ٥ / ٥ ٤٨. وكان حيّاً إلى سنة (١٠٢ هـ) ٦ / ٦١٦. وكان في هجائه لبني نهشل شابّاً ، بل غلاماً حدثاً أعرابيّاً نزل البادية ٥ / ٢٤٢ ، فيكون في لقائه الإمام (عليه السّلام) على أقلّ من ثلاثين سنة.