في منزل ، فإذا سار الحسين (ع) تخلّف زهير بن القين ، وإذا نزل الحسين (ع) تقدّم زهير حتّى نزلنا في منزل لمْ نجد بدّاً من أنْ ننازله فيه. فنزل الحسين (عليه السّلام) في جانب ونزلنا في جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين حتّى سلّم ثمّ دخل ، فقال : يا زهير بن القين ، إنّ أبا عبد الله الحسين بن علي (عليهما السّلام) بعثني إليك لتأتيه. فطرح كلّ انسان ما في يده حتّى كأنّ على رؤوسنا الطير (١). قالت دلهم بنت عمرو امرأة زهير بن القين ، فقلت له : أيبعث إليك ابن رسول الله (ع) ثمّ لا تأتيه سبحان الله! لو أتيته فسمعت كلاُمّه ، ثمّ انصرفت. فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أنْ جاء مستبشراً قد أسفر وجهه.
ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم أنْ يتبعني ، وإلاّ فإنّه آخر العهد ، إنّي سأحدّثكم حديثاً : غزونا بلنجر (٢) ففتح الله علينا وأصبنا غنائم. فقال سلمان الباهلي (٣) : أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟ فقلنا : نعم. فقال لنا : إذا أدركتم شباب آل محمّد (صلّى الله عليه وآله) فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم
_________________
(١) قال أبو مِخْنف : فحدّثني الأسدي ، عن رجل من بني فزارة ، قال الأسدي : لمّا كان زمن الحجّاج بن يوسف ، كنّا مختبئين في دار زهير بن القين الجبلي ، وكان أهل الشام لا يدخلونها. فقلت للفزاري حدثني عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن علي؟ قال ٥ / ٣٩٦. والإرشاد / ٢٢١ ، والخوارزمي / ٣٢ ٥.
(٢) مدينة الخزر عند باب الأبواب ، فُتحت سنة (٣٣) على يد سلمان بن ربيعة الباهلي ، على عهد عثمان بن عفّان ، كما في معجم البلدان.
(٣) وفي الطبري ٤ / ٣٠ ٥ : إنّ سلمان الفارسي وأبو هريرة كانا معهم. ونصّ ابن الأثير في الكامل ٤ / ١٧ : أنّ الذي حدّثهم هو سلمان الفارسي وليس الباهلي ، في حين أنّ ابن الأثير إنّما أراد بكتابه الكامل في التاريخ أنْ يُكمل تاريخ الطبري ، فهو في أكثر أخباره ناقل عنه. ونصّ على أنّه الفارسي أيضاً الشيخ المفيد في الإرشاد ، والفتال في روضة الواعظين / ١ ٥ ٣ ، وابن نما في مثير الأحزان / ٢٣ ، والخوارزمي في المقتل ١ / ٢٢ ٥ ، والبكري في المعجم ممّا استعجم ١ / ٣٧٦.
ويؤيّد هذا نصّ الطبري على وجود سلمان الفارسي في هذه الغزوة. ولكن الظاهر أنّ سلمان الفارسي كان والياً على المدائن بعد فتحها سنة (١٧ هـ) حتّى توفّي بها بدون أنْ يخرج منها إلى غزو ، وأنّه توفّى قبل هذا على عهد عمر.