بريانه رأى». قلنا : نراه رأى هوادي الخيل [، أي : رؤوسه]. فقال [الرجل] : وأنا والله ، أرى ذلك.
[ذوحسم] (١)
فقال الحسين (عليه السّلام) : «أمَا لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا ، ونستقبل القوم من وجه واحد؟». فقلنا له : بلى ، هذا ذوحسم إلى جنبك تميل إليه عن يسارك ، فإنْ سبقت القوم إليه ، فهو كما تريد. فأخذ إليه ذات اليسار وملنا معه ، فاستبقنا إلى ذي حسم فسبقناهم إليه ، فلمّا رأونا وقد عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا ، فنزل الحسين (عليه السّلام) فأمر بأبنيته فضربت.
فما كان بأسرع من أنْ طلعت علينا هوادي الخيل ، وكأنّ راياتهم أجنحة الطير ، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسين (عليه السّلام) في حرّ الظهيرة ، والحسين وأصحابه معتمّون متقلّدون أسيافهم.
فقال الحسين (عليه السّلام) لفتيانه : «اسقوا القوم وأرووهم من الماء ، ورشّفوا الخيل ترشيفاً».
فقام فتيانه ، وسقوا القوم من الماء حتّى أرووهم ، وأقبلوا يملأون القصاع والطساس والأتوار (٢) من الماء ، ثمّ يدنونها من الفرس ، فإذا عبّ فيه ثلاثاً أو
_________________
(١) بضم ففتح ، اسم جبل. كان النّعمان يصطاد فيه ، كما في معجم البلدان. وبينه وبين عذيب الهجانات إلى الكوفة ثلاث وثلاثون ميلاً ، كما في الطبري. وروى سبط ابن الجوزي عن علماء السّير : أنّ الإمام (عليه السّلام) لمْ يكن له علم بما جرى على مسلم بن عقيل ، حتّى إذا كان بينه وبين القادسيّة ثلاثة أميال تلقّاه الحرّ بن يزيد الرياحي ، فاخبره بقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وقدوم ابن زياد الكوفة واستعداده لهم ، وقال له : ارجع. ٢٤ ٥ ، ط النّجف.
(٢) القصاع : جمع القصعة ، والطساس : جمع الطاس ، والأتوار : جمع تور ، وهو إناء من صفر أو حجارة.