فقال [الحسين (عليه السّلام)] : «أمَا والله ، إنّي لأرجو أنْ يكون خيراً ما أراد الله بنا ، قُتلنا أمْ ظفرنا».
وأقبل الحرّ بن يزيد ، فقال [للإمام (عليه السّلام)] : إنّ هؤلاء النّفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممّن أقبل معك ، وأنا حابسهم أو رادّهم.
فقال له الحسين (عليه السّلام) : «لأمنعنّهم ممّا أمنع منه نفسي ، إنّما هؤلاء أنصاري وأعواني ، وقد كنت أعطيتني أنْ لا تعرض لي بشيء حتّى يأتيك كتاب من ابن زياد».
فقال [الحرّ] : أجل ، لكن لمْ يأتوا معك.
قال [الحسين (عليه السّلام)] : «هم أصحابي ، وهم بمنزلة مَن جاء معي ، فإنّ تممت عليّ ما كان بيني وبينك وإلاّ ناجزتك». فكفّ عنهم الحرّ.
ثمّ قال لهم الحسين (عليه السّلام) : «أخبروني خبر النّاس وراءكم؟».
فقال له مجمّع بن عبد الله العائذي ، وهو أحد النّفر الأربعة الذين جاؤوه (١) : أمّا ، أشراف النّاس ، فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائزهم ، يستمال ودّهم ويستخلص به نصيحتهم ، فهم ألب (٢) واحد عليك ؛ وأمّا سائر النّاس بعد ، فإنّ أفئدتهم تهوي إليك وسيوفهم غداً مشهورة عليك.
قال (ع) : «أخبروني ، فهل لكم برسولي إليكم؟». قالوا : مَن هو؟ قال : «قيس بن مسهر الصيداوي». قالوا : نعم ، أخذه الحصين بن تميم فبعث به إلى ابن زياد ، فأمره ابن زياد أنْ يلعنك ويلعن أباك فصلّى عليك وعلى أبيك ولعن ابن زياد وأباه ، ودعا إلى نصرتك وأخبرهم بقدومك ، فأمر به ابن زياد فأُلقي من طمار (٣) القصر.
_________________
(١) لعلّهم جابر بن الحرّث السّلماني ، وعمر بن خالد الصيداوي وسعد مولاه الذين ذكرهم أبو مِخْنف : أنّهم قاتلوا معاً في أوّل القتال حتّى قُتلوا في مكان واحد ٥ / ٤٤٦.
(٢) أي : اجتماع.
(٣) أي : أعلاه.