قال : فأقبل إليه ، فلمّا رآه أبو ثمامة الصائدي (١) قال للحسين (عليه السّلام) : أصلحك الله أبا عبد الله! قد جاءك شرّ أهل الأرض وأجرؤه على دم وأفتكه ، فقام إليه فقال : ضع سيفك. قال : لا والله ولا كرامة ، إنّما أنا رسول فإنْ سمعتم منّي أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ، وإنْ أبيتم انصرفت عنكم. فقال له : فإنّي آخذ بقائم سيفك ثمّ تكلّم بحاجتك. قال : لا والله ، لا تمسسه. فقال له : أخبرني ما جئت به وأنا أبلغه عنك ولا أدعك تدنو منه ؛ فإنّك فاجر. فاستبّا ، ثمّ انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر.
قال : فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظلي ، فقال له : ويحك يا قرّة! ألقِ حسيناً (ع) فسله ما جاء به؟ وماذا يُريد؟
قال : فأتاه قرّة بن قيس ، فلمّا رآه الحسين مقبلاً قال (ع) : «أتعرفون هذا؟». فقال حبيب بن مظاهر (٢) : نعم ، هذا رجل من حنظلة تميمي ، وهو ابن أختنا ولقد كنت أعرفه بحسن الرأي وما كنت أراه يشهد هذا المشهد (٣).
قال : فجاء حتّى سلّم على الحسين (عليه السّلام) وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه ، له.
فقال الحسين (عليه السّلام) : «كتب إليّ أهل مصركم هذا : أن أقدم ، فأمّا
_________________
(١) سبقت ترجمة صفحة / ١١٥.
(٢) هذا أول ذكره في أخبار كربلاء ، ولمْ يذكر كيف وصل إليها؟ وقد مضت ترجمته في زعمّاء الشيعة الذين كتبوا إلى الإمام (عليه السّلام) من الكوفة ، وسيأتي في مقتله ذكر جوانب من حياته.
(٣) كان مع الحرّ بن يزيد الرياحي ، فيروى عنه عدي بن حرملة الأسدي أنّه كان يقول : والله ، لو أنّه أطلعنّي على الذي يُريد لخرجت معه إلى الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤٢٧. ويروي عنه أبو زهير العبسى خبره عن مرور نساء الحسين (عليه السّلام) على مقتله وأهل بيته ، ورثاء زينب لأخيها (عليهما السّلام) ٥ / ٤٥٦.
وقد دعاه حبيب بن مظاهر إلى نصرة الإمام (عليه السّلام) وأنْ لا يرجع إلى الظالمين ، فقال له قرّة : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي. ولكنّه إلى عمر بن سعد فلمْ يرجع عنه إلى الحسين حتّى قُتل (عليه السّلام) ٥ / ٤١١ ، والإرشاد / ٢٢٨.