فقال له ابن زياد : لا تعلّمنّي بأشراف أهل الكوفة ، ولست أستأمرك فيمَن أريد أنْ أبعث ، إنْ سرت بجندنا وإلاّ فابعث إلينا بعهدنا. فلمّا رآه قد لجّ ، قال : فإنّي سائر.
قال : فأقبل في أربعة آلاف (١) حتّى نزل بالحسين (ع) من الغد من يوم نزل الحسين (ع) نينوى.
قال : فبعث عمر بن سعد إلى الحسين (عليه السّلام) عزرة بن قيس الأحمسي (٢) ، فقال : ائته فسله ما الذي جاء به؟ وماذا يُريد؟ وكان عزرة ممّن كتب إلى الحسين (ع) ، فاستحيا منه أنْ يأتيه.
قال : فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه فكلّهم أبى وكرهه.
قال : وقام إليه كثير بن عبد الله الشعبي ـ وكان فارساً شجاعاً لا يردّ وجهه شيء ـ فقال : أنا أذهب إليه ، والله ، لئن شئت لأفتكنّ به (٣). فقال عمر بن سعد : ما أريد أنْ يُفتك به ، ولكن ائته فسله ما الذي جاء به؟
_________________
(١) وكذلك الإرشاد / ٢٢٧. ونقل عن مقتل محمّد بن أبي طالب ما حاصله : أنّ ابن زياد سيّر ابن سعد إلى الحسين (عليه السّلام) في تسعة الآف ، ثمّ يزيد بن ركاب الكلبي في ألفين ، والحصين بن تميم السّكوني في أربعة الآف ، وفلان المازني في ثلاثة الآف ، ونصر بن فلان في ألفين ، فذلك عشرون ألفاً مأبين فارس وراجل. وذكر الشافعي في كتابه مطالب السّؤول : أنّهم كانوا اثنين وعشرين ألفاً. وروى الشيخ الصدوق في أماليه بسنده عن الصادق (عليه السّلام) : أنّهم ثلاثون ألف. الأمالي / ١٠١ ، ط بيروت.
ألفاً ... وروى سبط ابن الجوزي عن محمّد بن سيرين أنّه كان يقول : وقد ظهرت كرامة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) في هذا ، فإنّه لقي عمر بن سعد يوماً وهو شاب ، فقال (ع) : «ويحك يابن سعد! كيف بك إذا قمت يوماً مقاماً تُخيّر فيه بين الجنّة والنّار ، فتختار النّار؟!». ٢٤٧ ، ط النّجف.
(٢) وذكره المفيد في الإرشاد : عروة بن قيس. وقد مضت ترجمته فيمَن كتب إلى الإمام (عليه السّلام) من أهل الكوفة من المنافقين الاُمويّين.
(٣) شهد مقتل الحسين (عليه السّلام) وروى خطبة زهير بن القين ٥ / ٤٢٦.
وهو الذي شرك مع المهاجر بن أوس في قتله ٥ / ٤٤١ ، وهو الذي تبع الضحّاك بن عبد الله المشرقي الهمداني ليقتله ، فلمّا عرفه أنّه من همدان قال : هذا ابن عمّنا ، فكفّ عنه ٥ / ٤٤٥.