وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم فرأيت أنْ انصره وأنْ أكون في حزبه ، وأنْ أجعل نفسي دون نفسه حفظاً لما ضيّعتم من حقّ الله وحقّ رسوله (عليه السّلام).
وحين أتى العبّاس بن علي حسيناً (عليهما السّلام) بما عرض عليه عمر بن سعد ، قال [له الحسين (عليه السّلام)] : «ارجع إليهم ، فإنْ استطعت أنْ تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشّية ، لعلّنا نصلّي لربّنا اللّيلة وندعوه نستغفره ، فهو يعلم أنّي كنت أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه ، وكثرة الدعاء والاستغفار». وإنّما أراد بذلك أنْ يردّهم عنه تلك العشيّة حتّى يأمر بأمره ويُوصي أهله.
وأقبل العبّاس بن علي (عليه السّلام) يركض [فرسه] حتّى انتهى إليهم ، فقال :
يا هؤلاء ، إنّ أبا عبد الله يسألكم أنْ تنصرفوا هذه العشيّة حتّى ينظر في هذا الأمر ، فإنّ هذا أمر لمْ يجرِ بينكم وبينه فيه منطق ، فإذا أصبحنا التقينا إنْ شاء الله ؛ فإمّا رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه ، أو كرهنا فرددناه. وإنّما أراد بذلك أنْ يرّدّهم عنه تلك العشيّة حتّى يأمر بأمره ويُوصي أهله.
[فـ] قال عمر بن سعد : يا شمر ما ترى؟
قال : ما ترى أنت ، أنت الأمير والرأي رأيك.
قال : أردت أنْ لا أكون. ثمّ أقبل على النّاس ، فقال : ماذا تَرون؟
فقال عمرو بن الحجّاج بن سلمة الزبيدي : سبحان الله! والله ، لو كانوا من الدّيلم ثمّ سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أنْ تجيبهم إليها.
وقال قيس بن الأشعث (١) : أجبهم إلى ما سألوك ، فلعمري ليصبحنّك
_________________
(١) كان يوم عاشوراء على ربع ربيعة وكندة ٥ / ٤٢٢ ، وهو الذي أخذ قطيفة الإمام الحسين (عليه السّلام) وكانت من خزّ ، فكان يُلقّب بعد ذلك : قيس قطيفة ٥ / ٤٥٣. وكان مع شمر بن ذي