نقل هذا السيّد الصدر في تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ، ثمّ علّق عليه يقول ، قلت : لا يرمونه بغير التشيّع ، وهو عند أهل العلم منهم لا ينافي الوثاقة ، وقد اعتمد عليه أئمة السنّة كأبي جرير الطبري وابن الأثير ، خصوصاً ابن جرير قد شحن تاريخه الكبير من رواية أبي مِخْنف (١).
وقد عقد الإمام شرف الدين (رحمه الله) في كتابه : المراجعات ، فصلاً خاصاً عدّ فيه مئة من رجال الشيعة في أسناد السنّة ، بل حتّى صحاحهم ، وعيّن مواضعه (٢).
وخلاصة القول فيه : أنّه لا ينبغي التأمّل في كونه شيعيّاً لا إماميّ ، كما صرّح به ابن أبي الحديد فهو كلام متين ، وإنّما عدّه بعض العامّة شيعيّاً على ما تعوّدوا عليه بالنّسبة إلى من يميل إلى أهل البيت (عليه السّلام) بالمودّة والمحبّة والهوى ، ولمْ يصرّح أحد من علماء الشيعة السّابقين بتشيّعه ، وإنّما وصفه النّجاشي (رحمه الله) وهو خرّيت هذا الفن بأنّه : كان شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ، لا شيخ أصحابنا ، أو حتّى شيخ أصحاب أخبارنا. ولا عجب في تصريح ابن أبي الحديد بذلك ، وهو يروي عنه أرجازاً في وقعة الجمل في وصاية علي (عليه السّلام) لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فإنّ نقله لهذه الأراجيز لا يشهد بأكثر من تشيّعه في الرأي والهوى لا العقيدة بالإمامة ، كما يروي ذلك كثير من أهل السنّة.
والخلاصة : أنّ كون الرجل شيعيّاً ممّا لا ينبغي الريب فيه ، أمّا كونه إماميّاً فلا دليل عليه.
_________________
(٤٠٠) مورداً ، كما في فهرس الأعلام ٧ / ٤١٧ ، ط دار المعارف ، آخرها في خروج محمّد بن خالد بالكوفة سنة (١٣٢ هـ).
(١) تأسيس الشيعة / ٢٣٥ ، ط بغداد.
(٢) المراجعات / ١٦ ـ ١٧ ، ٥٢ ـ ١١٨ ، ط دار الصادق.