فلا أخرج إليهما. فرأ [ه] حسين (عليه السّلام) رجلاً طويلاً شديد السّاعدين ، بعيد مابين المنكبين ، فقال حسين (عليه السّلام) : «إنّي لأحسبه للأقران قتّالاً ، أخرج إنْ شئت». فخرج إليهما.
فقالا له مَن أنت؟ فانتسب لهما. فقالا : لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر ، أو بُرير بن خضير.
و [كان] يسار [مولى زياد] مستنتلاً [مستعداً] أمام سالم [مولى عبيد الله بن زياد] ، فقال الكلبي [ليسار] : يابن الزانية! وبك رغبة عن مبارزة أحد من النّاس؟ وما يخرج إليك أحد من النّاس إلاّ وهو خير منك.
ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد.
[فبينما هو] مشتغل به يضربه بسيفه ، إذ شدّ عليه سالم [مولى عبيد الله] ، فصاح به [أصحاب الحسين (عليه السّلام)] قد رهقك العبد. فلمْ يأبه له حتّى غشيه فبدره الضربة ، فاتّقاه الكلبي بيده اليسرى فأطار أصابع كفّه اليسرى ، ثمّ مال عليه الكلبي فضربه حتّى قتله.
وأقبل الكلبي وقد قتلهما جميعاً ، مرتجزاً يقول :
إن تنكروني فأنا ابن كلب |
|
حسبي بيتي في عليم حسبي |
انيّ امرؤ ذو مرة وعصب (١) |
|
ولست بالخوّار عند النّكب |
اني زعيم لك امّ وهب |
|
بالطعن فيهم مقدماً والضرب |
ضرب غلام مؤمن بالربّ
فأخذت امرأته اُمّ وهب عموداً ، ثمّ أقبلت نحو زوجها ، تقول له : فداك أبي وأمّي أقاتل دون الطيّبين ذرّيّة محمّد (ص).
فأقبل إليها يردّها نحو النّساء ، فأخذت تجاذبه ثوبه ، ثمّ قالت :
إنّي لن أدعك دون أنْ أموت معك.
_________________
(١) مرّة وعصب ، أي : القوّة.