ثمّ قال عابس بن أبي شبيب : يا أبا عبد الله ، أمَا والله ، ما أمسى على وجه الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك ، ولو قدرت على أنْ أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لعملته ، السّلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد الله أنّي على هديك وهدي أبيك.
ثمّ مشى بالسّيف مصلتاً نحوهم وبه ضربة على جبينه (١).
قال ربيع بن تميم [الهمداني] : لمّا رأيته مقبلاً عرفته ، فقلت :
أيّها النّاس ، هذا أسد الأسود ، هذا ابن أبي شبيب ، لا يخرجنّ إليه أحد منكم.
فأخذ ينادي : ألاَ رجل لرجل؟
فقال عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة.
فرُمي بالحجارة من كلّ جانب.
فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ، ثمّ شدّ على النّاس ، فوالله ، لرأيته يكرد (٢) أكثر من مئتين من النّاس.
ثمّ إنّهم تعطّفوا عليه من كلّ جانب ، فقُتل [رحمة الله عليه] (٣) و (٤).
[مقتل يزيد بن زياد أبي الشعثاء الكندي]
وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ـ وهو أبو الشعثاء الكندي ـ ممّن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين (عليه السّلام) ، فلمّا ردّوا الشروط على الحسين (ع) مال إليه
_________________
(١) حدّثني نمير بن وعلة ، عن رجل من بني عبد من همدان شهد ذلك اليوم ٥ / ٤٤٤.
(٢) يكرد ، أي : يطرد.
(٣) حدّثني محمّد بن قيس ، قال ٥ / ٤٤٠.
(٤) فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة ، هذا يقول : أنا قتلته. وهذا يقول : أنا قتلته. فأتوا عمر بن سعد ، فقال : لا تختصموا ، هذا لمْ يقتله سنان واحد. ففرّق بينهم بهذا القول.