أخذ يشدّ على النّاس ، وهو يقول :
أنا عليّ بن حسين بن علي |
|
نحن وربّ البيت أولى بالنّبيّ |
تا لله لا يحكم فينا ابن الدّعي (١)
ففعل ذلك مِراراً ، فبصر به مرّة بن مُنقذ بن النعمان العبدي (٢) فقال : عليّ
_________________
فقال عروة عند ذلك : أي محمّد (ص) ، أرأيت إنْ أستأصلت قومك؟ فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإنْ تكن الأخرى! فوالله ، إنّي لأرى وجوهاً وأوشاباً ـ أي : أخلاطاً ـ من النّاس خلقاً أنْ يفرّوا ويدعوك. وجعل يرمق أصحاب النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) بعينه. ثمّ رجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أيّ قوم والله ، لقد وفدت على الملوك ووفدت على : كسرى وقيصر والنّجاشي ، والله ، إنْ رأيت ملكاً قط يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد محمّداً (ص)! والله ، إنْ يتنخّم نخامته إلاَ وقعت في كفّ رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجَلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلّموا عنده خفظوا أصواتهم ، وما يحدوّن ، النظر إليه تعظيماً له! وإنّه قد عرض عليكم خُطة رشد فأقبلوها ٢ / ٦٢٧.
وفي سنة (٨ هـ) في حرب حُنين كان في جِرش ، يتعلّم صنعة الدّبابات والمجانيق ولمْ يشهد حرب حُنين ٣ / ٨٢.
وكان قد صاهر أبا سفيان على ابنته آمنة ، فلمّا كان يوم حُنين تقدّم أبو سفيان مع المغيرة بن شعبة إلى الطائف ، فناديا ثقيفاً : أنْ آمنونا حتّى نكلّمكم. فآمنوهما ، فدعوا نساء قريش يخافون عليهم السّبي ، فأبين عليهم ٣ / ٨٤.
وحينما انصرف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن أهل الطائف أتبع عروة بن مسعود أثره حتّى أدركه قبل أنْ يصل إلى المدينة فأسلم ، وسأله أنْ يرجع إلى قومه بالإسلام. وكان عروة محبوباً في ثقيف مطاعاً ، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام ورجا أنْ لا يخالفوه لمنزلته فيهم ، ولكنّهم رموه بالنّبل من كلّ وجه فقُتل. فقيل له : ما ترى في دمك؟ قال : كرامة أكرمني الله بها ، وشهادة ساقها الله إليّ ، فليس فيّ إلاّ ما في الشهداء الذين قُتلوا مع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) قبل أنْ يرتحل عنكم ، فادفنوني معهم. فدفنوه معهم. فروي ، أنّ رسول الله (ص) قال فيه : «إنّ مثله في قومه كمثل صاحب يس في قومه». ٣ / ٩٧ ، كما في سيرة ابن هشام ٢ / ٣٢٥. وقضى رسول الله (ص) دَينه ودَين أخيه الأسود بن مسعود من حلى اللاّت ، وثن ثقيف. ٣ / ١٠٠.
(١) وروى أبو الفرج : أنّه جعل يشدّ عليهم ، ثمّ يرجع إلى أبيه ، فيقول : يا أبة العطش! فيقول له الحسين (ع) : «اصبر حبيبى ؛ فإنّك لا تمسي حتّى يسقيك رسول الله (ص) بكأسه». فجعل يكرُّ كرّةً بعد كرّةٍ / ٧٧.
(٢) نسبته إلى بني عبد القيس. كان مع أبيه مُنقذ بن النّعمان في صفّين مع أميرالمؤمنين (عليه السّلام)