وقد أهوى بحر بن كعب إلى الحسين (عليه السّلام) بالسّيف ، فقال الغلام : يابن الخبيثة! أتقتل عمّي (١)! فضربه بالسّيف فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلدة ، فإذا يده معلّقة ، فنادى الغلام : يا ُامّتاه!
فأخذه الحسين (عليه السّلام) فضمه إلى صدره ، وقال (ع) : «يابن أخي (٢) اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ؛ فإنّ الله يُلحقك بآبائك الصالحين ، برسول الله وعلي بن أبي طالب وحمزة ، والحسن بن علي (٣) ، (٤) صلّى الله عليهم أجمعين.
اللهمّ ، أمسك عنهم قطر السّماء وأمنعهم بركات الأرض ، اللهمّ ، فإنْ متّعتهم إلى حين ، ففرّقهم فرقاً وأجعلهم طرائق قدداً ، ولا تُرضي عنهم الولاة أبداً ؛ فإنّهم دعونا لينصرونا ، فعدوا علينا فقتلونا» (٥).
ولقد مكث طويلاً من النّهار ولوشاء النّاس أنْ يقتلوه لفعلوا ، ولكنّهم كان يتّقي بعضهم ببعض ويُحبّ هؤلاء أنْ يكفيهم هؤلاء.
فنادى شمر في النّاس : ويحكم! ماذا تنظرون بالرجل؟ أقتلوه ، ثكلتكم اُمّهاتكم! فحُمِل عليه من كلّ جانب.
[مصرع الحسين (عليه السّلام)]
فضرب زُرعة بن شرّيك التميمي ضربة [على] كفّه اليسرى (٦) ، وضرب [ضربة أخرى] على عاتقه ، [فأخذ] ينوء ويكبو [على وجهه الشريف]. وفي تلك الحال حمل عليه سنان بن أنس النّخعي فطعنه بالرمح ، فوقع (عليه السّلام)
_________________
(١) و (٢) و (٣) راجع : هامش رقم / ٥ من الصفحة السّابقة.
(٤) قال أبومِخْنَف في حديثه ٥ / ٤٥٠. ورواها أبو الفرج ، عن أبي مِخْنَف ، عن سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم / ٧٧ ، ط النّجف.
(٥) حدّثنى ، سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥١. وفي الإرشاد / ٢٤١.
(٦) وفي الإرشاد : كتفه اليسرى / ٢٤٢ ، وفي الخواص : كتفه الأيسر / ٢٥٣. ونقله المقرّم عن الإتحاف