الحديث.
ولكنّهم اختلفوا فيه ، فمنهم : مَن أجازه ، ومنهم : مَن منعه ... وترجّح جانب المنع بنهي الخليفة الأوّل (١) والثاني (٢) والثالث (٣) عنه ... واستمر أثر هذا النّهي والكراهيّة إلى أوائل المئة الثانية للهجرة حتّى أجمع على إباحته المسلمون.
وأباحه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسّلام). وأوّل شيء سجّله أمير المؤمنين (عليه السّلام) كتاب الله العزيز ؛ فإنّه بعد الفراغ من أمر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) آلى على نفسه أنْ لا يرتدي إلاّ للصلاة أو يجمعه ، فجمعه مرتّباً على حسب ترتيبه في النّزول. وأشار إلى : عامّه خاصّه ، ومطلقه ومقيّده ، ومجمله ومبيّنه ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، ورخصه وعزائمه ، وآدابه وسننه. ونبّه على أسباب النّزول في آياته ، وأوضح ما عساه يُشكل من بعض الجهات.
وبعد فراغه من الكتاب العزيز ، ألّف كتاباً في الدّيات كان يومئذٍ يعرف بـ : (الصحيفة). أوردها ابن سعيد في آخر كتابه المعروف بـ : (الجامع). ويروي عنها البخاري في مواضع من صحيحه ، منها في : أوّل كتاب العلم من الجزء الأوّل.
واقتدى به في جمع الحديث في ذلك العصر جماعة من شيعته ، منهم : أبو رافع إبراهيم القبطي وابناؤه ، علي بن أبي رافع وعبيد الله بن أبي رافع.
ولهذا الأخير كتاب في تسمية مَن شهد الجمل وصفّين والنّهروان (٤) ،
_________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٣ ، ٥.
(٢) المصدر السّابق ١ / ٣ ، ٤ ، ٧ ، والبخاري / ٦ باب : الاستيذان ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٢٠٦.
(٣) مسند أحمد ١ / ٦٣ ـ ، وراجع في ذلك كتاب : السنّة قبل التدوين.
(٤) رجال النّجاشي / ١ ـ ٥ ، ط الهند ، والفهرست / ١٢٢ ، ط النّجف.