وبعث البريد إلى يزيد بوجع معاوية (١) ، فقال يزيد في ذلك :
جاء البريد بقرطاس يخبّ به |
|
فأوجس القلب من قرطاسه فزعا |
قلنا لك الويل ماذا في كتابكم |
|
كأنّ أغبر من أركانها انقطعا |
_________________
(٥٥ هـ) ، حينما أراد الدعوة إلى بيعة يزيد بولاية العهد ، ثمّ استدعاه منها سنة (٥٨ هـ) ٥ / ٣٠٩ ، فولاّه الشرطة أيضاً ، فكان عنده على شرطته سنة (٦٠ هـ) حينما وفد إليه وفد عبيد الله بن زياد من البصرة وأخذ عليهم البيعة لابنه يزيد المسعودي ٢ / ٣٢٨.
ومن الطبيعي أنْ يكون باقياً على عمله عند دخول أسارى آل محمّد إلى الشام ، ولمّا هلك معاوية بن يزيد سنة (٦٤ هـ) ، دعا الضحّاك النّاس إلى نفسه ، ثمّ إلى ابن الزبير حتّى قدم مروان الشام والتقى به عبيد الله بن زياد من العراق ، فأطمعه ابن زياد في الخلافة فدعا النّاس إلى نفسه فبايعه النّاس ، فتحصّن الضحّاك في دمشق ثمّ خرج لمحاربة مروان بـ (مرج راهط) على أميال من دمشق فاستطال القتال عشرين يوماً ، ثمّ هزم أصحابه وقُتل وأُتي إلى مروان برأسه في المحرّم سنة (٦٤ أو ٦٥ هـ) ٥ / ٥٣٥ ، ٥٤٤.
وكان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقنت عليه باللّعن في صلاته ٥ / ٧١ ، ووقعة صفّين / ٦٢.
(١) هكذا تنقل رواية الطبري من الوصيّة الحاضرة إلى البريد إلى يزيد ، من دون ذكر لسفره ولا لموضع غيبته ؛ ولذلك روى الطبري بعد هذه الرواية رواية أخرى عن هشام عن عوانة بن الحكم (ت ١٥٧ هـ) :
إنّ يزيد كان غائباً فدعى معاوية بالضحّاك بن قيس الفهري ، وكان صاحب شرطته ، ومسلم بن عقبة المريّ صاحب وقعة الحرّة بالمدينة فأوصى إليهم ، قال : بلّغا يزيد وصيّتي.
وتختلف رواية هذه الوصيّة عن رواية أبي مِخْنف بعض الإختلاف في الألفاظ والمعاني ، فبينما رواية أبي مِخْنف تذكر أربعة رجال خاف منهم معاوية التخلّف عن بيعة يزيد ، منهم : عبد الرحمن بن أبي بكر ، إذ لا تذكره هذه الرواية ؛ وبينما تلك تأمر بالعفو والصفح عن الحسين (عليه السّلام) ، إذ هذه تذكر أنّه يرجو أنْ يكفيه الله بمَن قتل أباه وخذل أخاه ـ أي : الكوفيّين ـ ، وبينما تلك تأمر بقطع ابن الزبير إرباً إرباً ؛ إذ هذه توصي بالصلح وعدم الولوغ في دماء قريش. ويُؤيد هذه الرواية عدم ذكر ابن أبي بكر في كتاب يزيد إلى الوليد ، وأنّه توفى في (٥٥ هـ) ، كما في أُسد الغابة ، كما سبق. وكذا يُؤيد هذه الرواية ما عهده معاوية لابن زياد من ولايته على العراق ، فيما أودعه عند سرجون الرومي ، كما يأتي.
وأمّا موضع الغيبة : فقد روى الطبري ٥ / ١٠ ، عن علي بن محمّد : أنّه كان بـ (حوّارين). وذكر الخوارزمي / ١٧٧ ، عن ابن الأعثم : إنّ يزيد كان قد خرج في نفس اليوم بعد الوصيّة إلى (حوران) للصيد ، وبذلك وفّق بين الوصيّة الحاضرة والغيبة عند الموت.