فلمّا أتاه نعي معاوية (١) ، فَضَع به وكبّر عليه فبعث إلى مروان بن الحكم (٢).
_________________
وصول الكتاب إلى الوليد ليلة الجمعة السّادس والعشرين من شهر رجب ، كما يستفاد من تاريخ خروج إلاّمام (عليه السّلام) من المدينة ، فيما يأتي.
(١) لمْ يصرّح المؤرخون متى كتب يزيد هذا الكتاب؟ ومتى سرّح به إلى المدينة؟ ليُدرى كمْ استغرق مدّة المسافة بين المدينة والشام ، ولنا أنْ نستظهره ممّا ذكره الطبري ٥ / ٤٨٢ عن هشام ، عن أبي مِخْنف : أنْ عبد الملك بن مروان قال لمن أرسله بكتاب بني اُميّة ، حين حصارهم في المدينة قبل واقعة الحرّة ، إلى يزيد بالشام : وقد أجلّتك اثني عشرة ليلة ذاهباً واثني عشرة ليلة مقبلاً ؛ فوافني لأربع وعشرين ليلة في هذا المكان. ثمّ يقول الرسول بعد هذا : فأقبلت حتّى وافيت عبد الملك بن مروان في تلك السّاعة أو بعدها شيئاً.
ويّؤيّد هذا أيضاً ما نقله الطبري ٥ / ٤٩٨ ، عن الواقدي (٢٠٧ هـ) ، أنّ نعي يزيد وصل إلى المدينة لهلال ربيع الآخر ، وقد مات يزيد لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل سنة (٦٤ هـ) ، كما في نفس الصفحة ؛ فيكون نعي يزيد قد وصل إليهم بعد ١٦ يوم.
(٢) كان قد طرده رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من المدينة مع أبيه الحكم بن العاص بن اُميّة ، حيث كان من المستهزئين به (صلّى الله عليه وآله) ، ففرّبه عثمان بن عفان. وتزوّج ابنته نائلة ، ووهبه أموال مصالحة أفريقيا وهي ثلثمئة قنطار ذهب (٤ / ٢٥٦) فاشترى بها (نهر مروان) ، وهي أجمّة بالعراق ٤ / ٢٨٠ وكان قد أعطى مروان خمسة عشر ألفاً أيضاً ٤ / ٣٤٥. وقد صار عثمان سيقة لمروان يسوّقه حيث شاء ، كما قال علي (عليه السّلام) ٤ / ٣٦٤ ، وقاتل عن عثمان فضُرب بالسّيف على علبته وسقط ، فأرادوا قتله فوثبت عليه مرضعته وهي عجوز ، فقالت : إنْ كنت إنّما تريد قتل الرجل فقد قُتل ، وإنْ كنت تريد أنْ تلعب بلحمه فهذا قبيح ، فكفّوا عنه ٤ / ٣٩٤. واشترك في حرب الجمل فكان يؤذّن لصلاتهما ٤ / ٤٥٤ ، ورمى طلحة يوم الجمل رمية قتلته ٤ / ٥٠٩ ، وجرح يوم الجمل ٤ / ٥٣٠ ، ففرّ واستجار بمالك بن مسمع الغزاري فأجاره ٤ / ٥٣٦ ، فلمّا رجع لحق بمعاوية ٤ / ٥٤١ ، فولاّه معاوية المدينة بعد عام الجماعة ٥ / ٢٣١. وعزله عن المدينة سنة (٤٩ هـ) ٥ / ٢٣٢ ، ثمّ أعاده عليها سنة (٥٤ هـ) ٥ / ٢٩٣. وعلى عهده حجّ معاوية فاستوسق لابنه يزيد سنة (٥٦ هـ) ٥ / ٣٠٤ ، ولكنّه صرفه عنها سنة (٥٧ أو ٥٨) وأمرّ عليها الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ؛ ولذلك كان يكرهه مروان ٥ / ٣٠٩.
وكان في دمشق حين وصول السّبايا والرؤوس ٥ / ٤٦٥ ، وكان في المدينة حين وقعة الحرّة سنة