يدعوكما. فقالا له : انصرف ، الآن نأتيه (١).
ثمّ أقبل أحدهما على الآخر ، فقال عبد الله بن الزبير للحسين (عليه السّلام) : وظنّ فيما تراه بعث إلينا في هذه السّاعة التي لمْ يكن يجلس فيه!
فقال الحسين (عليه السّلام) : «قد ظننت [أنّ (٢)] طاغيتهم قد هلك ، فبعث
_________________
٥ / ٣٤٢.
وهذا يؤيد خبره الآخر ، إذ أنّه يفيد أنّ ابن الزبير كمن في داره وتحرّز في أصحابه ، فلبث بذلك نهاره وأوّل ليله وخرج تحت اللّيل ، فلمّا أصبح الوليد بعث إليه فوجده قد خرج ، فبعث ثمانين راكباً خلفه فلمْ يقدروا عليه فرجعوا فتشاغلوا [بهذ] يومهم [هذا الثاني] حتّى أمسوا ، فبعث إلى الحسين (عليه السّلام) عند المساء ، فقال : أصبحوا ثمّ ترون ونرى. فكفّوا عنه تلك اللّيلة ولمْ يلحّوا عليه فخرج من تحت ليلته ، وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب ٥ / ٣٤١.
فالنتيجة : أنّ ابن الزبير بقي بالمدينة بعد بدء الدعوة يوماً واحداً وفي اللّيل خرج ، والإمام (عليه السّلام) بقي بها بعد الدعوة يومين وفي اللّيلة الثانية خرج.
وحيث كانت ليلة خروجه (عليه السّلام) ليلة الأحد ، يكون يوم مكثه يوم الجمعة وليلة السّبت ويوم السّبت ، وتكون الدعوة مبدؤاً بها في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة ، وحينئذٍ فيصحّ وصفها بأنّها : ساعة لمْ يكن الوليد يجلس فيها للنّاس ، ويكون اجتماع ابن الزبير بالإمام (عليه السّلام) في مسجد رسول الله (ص) صباح يوم الجمعة ، ولعلّه كان بعد صلاة الصبح ، وكان دخوله (عليه السّلام) إلى مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ـ الذي يرويه أبو مِخْنف عن المقبري ـ مع رجلين يُعتمد عليهما ، بعد رجوعه من دار الوليد مع رجلين من رجاله الذين كان قد ذهب بهم إلى دار الوليد.
فالنتيجة : أنّ الدعوة كانت في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة لأربع بقين من رجب ، لمْ يكن يجلس فيها الوليد للنّاس ؛ لأنّها يوم الجمعة ، ولمْ تكن الجمعة يوم عمله.
(١) ٥ / ٣٣٩. قال هشام بن محمّد عن أبي مِخْنف ... ورواه السّبط بنصّه / ٢٠٣ ، والخوارزمي / ١٨١.
بمعناه ، ولا يُدرى لماذا الضمير مثنى والرسالة إلى ثلاثة؟ والذي يظهر من نهاية الرواية أنّهم الحسين (عليه السّلام) وعبد الله بن الزبير فقط ، ولا ذكر لعبد الرحمن بن أبي بكر ، ولا لعبد الله بن عمر ، فلعلّ عدم ذكر الأوّل كان لوفاته قبل هذا ـ كما سبق ـ ، والثاني لغيبته عن المدينة ، كما رواه الطبري عن الواقدي ـ ٥ / ٣٤٣ ـ.
والرسول في رواية الخوارزمي ـ عن ابن الأعثم ـ / ١٨١ ، وكذلك السّبط / ٢٣٥ : عمرو بن عثمان. وفي تاريخ ابن عساكر ـ ٤ / ٣٢٧ ـ أنّه : هو عبد الرحمن بن عمرو بن عثمان بن عفّان.
(٢) النصّ : «قد ظننت أرى طاغيتهم». والمرجّح ما ذكرناه.