فإنّي أستخير الله.
[فـ] ـقال [عبد الله] خار الله لك ، وجعلنا فداك ... فاذا أنت أتيت مكّة فإيّاك أنْ تقرب [الكوفة] فانّها بلدة مشؤومة؛ بها قتل أبوك وخذل أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه ، ألزم الحرم ، فانّك سيّد العرب لا يعدل بك والله ، أهل الحجاز أحداً ، ويتداعى إليك النّاس من كلّ جانب ، لا تفارق الحرم ، فداك عمّي وخالي فوالله ، لئن هلكت لنسترقنّ بعدك (١).
[الحسين (عليه السّلام) في مكّة]
فأقبل حتّى نزل مكّة (٢) ، ودخل مكّة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان (٣). فاقام بمكّة : شعبان وشهر رمضان ، وشوّال وذا القعدة إلى ثماني ذي الحجّة (٤).
فأقبل أهلها يختلفون إليه ويأتونه ، ومَن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق.
وابن الزبير بها قد لزم الكعبة ، فهو قائم يصلّي عامّة النّهار ويطوف ... ، ويأتي حسيناً (عليه السّلام) فيمَن يأتيه ، فيأتيه اليومين المتواليين ، ويأتيه بين كلّ
_________________
(١) ورواه السّبط / ٢٤٣ : عن هشام بن إسحاق. والخوارزمي / ١٨٩ : عن ابن الأعثم.
(٢) ٥ / ٣٥١. من خبر عقبة ، أيضاً.
(٣) ٥ / ٣٨٧. قال أبو مِخْنف : حدّثني الصقعب بن زهير ، عن عون بن أبي جحيفة.
وقد كان خروجه (عليه السّلام) من المدينة ليومين بقيا من رجب ، وعلى هذا يكون قد قطع المسافة من المدينة إلى مكّة في خمسة أيّام فقط ، والمسافة : (٥٠٠) كيلومتر تقريباً ، فيكون قد قطع (عليه السّلام) في كلّ يوم وليلة : مئة كيلومتر تقريباً ـ أي : ما يقرب من (١٨) فرسخ ـ وهذا ضعف مقدار المسافة اليوميّة العادية ـ ٨ فراسخ ـ ؛ ويستفاد من هذا : أنّه (عليه السّلام) وإنْ لمْ يتنكّب الطريق الأعظم مخافة الطلب ـ كما سلف ـ لِمَا فيه من الخوف والفرار المشين على الإمام (عليه السّلام) ، إلاّ أنّه أسرع في سفره.
(٤) ٥ / ٣٨١. من خبر عون بن أبي جحيفة أيضاً. ورواه السّبط أيضاً ، عن هشام / ٢٤٥.