ثانيها : بدل النسيان :
فيه يكون الأول المبدل منه مقصودا بالنطق ، فيتبين للمتحدث بعد ذكره أنه غير المقصود فى الإخبار والإرادة ، فينطق بالبدل ليصحح سهوه ، فهو بدل من مبدل منه ذكر نسيانا ، فكلّ من البدل والمبدل منه مقصود فى النطق ببدل النسيان ، لكن المبدل منه غير مقصود فى القلب والإرادة ، ولكنه نسيان.
فبدل الغلط زلّة اللسان ، وبدل النسيان زلّة الجنان ، بدل الغلط غير مقصود باللسان والجنان ، أما بدل النسيان فمقصود باللسان دون الجنان.
فإذا قلت : مررت بزيد حمار ؛ فإذا قصدت مرورك بحمار ؛ ولكن لسانك سبقك فنطق (بزيد) ، دونما قصد فكرىّ ، فهذا بدل غلط ، وإذا قصدت الأول ، وهو زيد ، نطقا وفكرا ، ثم ظهر لك فساد ذلك ، فصوّبته بذكر البدل (حمار) ، فيكون ذلك بدل نسيان ، فكأنك فى بدل الغلط لم تقصد الإخبار أولا عن المبدل منه ما خلا أنه سبق لسانك إليه ، وفى بدل النسيان قصدت الإخبار عن المبدل منه ، ثم استدركت (ما) تركت (١).
مع التنبيه إلى أن البدل فى كلّ (من) بدل النسيان والغلط يحتمل معنى (بل) الدالة على الإضراب ، حتى لا يتوهم فيه الصغة.
ثالثها : بدل البداء :
يسمى بدل الإضراب ، وهو أن تبدل شيئا مقصودا باللسان والجنان من آخر مقصود بهما ، فبعد نطقك الأول بدا لك أولوية الثانى ، فأضربت عن الأول إلى الثانى ، ولذلك سمى بالبداء ، أى الظهور ، أو الإضراب ، أى التحول عن الأول إلى الثانى.
كأن تقول : أعط السائل جنيها جنيهين ، حيث أمرته أولا بإعطائه جنيها ، ثم بدا لك فكر آخر ، فأضربت عن التعبير بجنيه إلى التعبير بجنيهين ، وعلامته صحة معنى (بل) قبله ، وهى التى تفيد معنى الإضراب.
__________________
(١) شرح القمولى على الكافية ٢ ـ ٤٩٦.