وما يمثلون به من القول : أعجبنى ما صنعت اليوم ، ثم ما صنعت أمس أعجب.
فإن (ثم) فيه بمعنى الواو كذلك.
وقد تأتى بمعنى (الفاء) كما هو فى قول أبى دواد حارثة بن الحجاج :
كهزّ الرّدينى تحت العجاج |
|
جرى فى الأنابيب ثم اضطرب (١) |
حيث إن الهزّ إذا جرى فى الأنابيب اضطرب الرمح بلا مهلة ولا تراخ ، فالهزّ كناية عن سرعة الحركة وشدة الجرى ، ومنهم من يجعل الهزّ والاضطراب فى زمن واحد ، فتكون (ثم) بمعنى (الواو).
وقد يؤتى بـ (ثم) لمجرد ترتيب الأخبار ، ويكون منه قوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣) ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام :١٥٣ ، ١٥٤!](٢). (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) ، وقول الشاعر :
إنّ من ساد ثم ساد أبوه |
|
ثم قد ساد قبل ذلك جدّه (٣) |
حيث أتى الجدّ السؤدد من قبل الأب ، وأتى الأب من قبل الولد.
__________________
(١) ينظر ، ديوانه ٢٩٢ ، أوضح المسالك رقم ٤١٥ / شرح التصريح ٢ ـ ١٤٠ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٤ / الدرر ، رقم ١٦٠٦ / شرح ابن الناظم ٥٢٥ ، الردينى : الرمح المنسوب إلى ردينة / العجاج :الغبار ، الأنابيب : جمع أنبوبة ما بين كل عقدتين من القصبة.
(كهز) الكاف : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. هز : اسم مجرور بعد الكاف ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بسابق. (الردينى) مضاف إليه. مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (تحت) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة متعلق بهز. (العجاج) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (جرى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو يعود إلى هز. (فى الأنابيب) فى : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. الأنابيب : اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالجرى. (ثم) حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. (اضطرب) فعل ماض مبنى على الفتح ، وسكن لأجل الوقف. وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.
(٢) الجملة الفعلية (وصاكم) فى رفع خبر المبتدإ (ذلكم) الجملة الفعلية (تتقون) فى محل رفع ، خبر لعل ،. (الكتاب) مفعول به ثان منصوب. (تماما) حال من الكتاب ، أو من الفاعل ضمير المتكلمين ، أو منصوب على أنه نائب عن المفعول المطلق ، أو مفعول لأجله.
(٣) ينظر : الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٩٤.