والآخر : إضراب إبطال :
ويجوز أن يكون منه المثل السابق ، حيث يبطل بالإضراب بـ (أم) المعنى الذى يسبقها ليثبت المعنى المذكور بعدها. ومنه أن تقول : أتقول إنه قد ظلمك أم أنت الذى تعدّيت عليه؟ ، أى : بل أنت الذى تعديت عليه ، فأبطلت بـ (أم) المعنى الأول ؛ لتثبت المعنى الثانى ..
ـ كما يكون الإضراب متضمنا الاستفهام الطلبى ، أى : الحقيقى ، كما هو فى قولهم : إنها لإبل أم شاء؟ ، أى : بل أهى شاء؟ حيث الإخبار فى الجملة الأولى التى تسبق أم ، ثم عرض له شكّ فاستفهم بقوله : أم شاء؟ ومنه أن تقول : هذا كتابك أم هو معجم عام؟
ومنه قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً .. أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ .. أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) [الملك ١٦ ، ١٧ ، ٢٠ ، ٢١].
ـ وقد يكون الإضراب متضمنا الاستفهام الإنكارى ، كما فى قوله تعالى : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) [الطور : ٣٩] ، أى بل أله البنات ، فالإضراب بـ (أم) تضمن معنى الاستفهام الإنكارى ، وإن لم يسبق باستفهام ، ذلك لأن (أم) فى جميع مواضعها فى سورة الطور استفهامية منقطعة ، والاستفهام بها إنكارى ، وتؤول حينئذ بـ (بل) والهمزة ، وما أوّل ذكر (أم) فيه قوله تعالى : (فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ ..) [الطور : ٢٩ ، ٣٠] والتقدير : بل أيقولون ...
ومنها : (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ..) [الطور ٣٢ ، ٣٣]. أى : بل أتأمرهم .. بل أهم .. بل أيقولون .. وكذلك : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا .. أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ .. أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ ..) [الآيات : ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٣٨].