أولهما : أن يكون (ما) حرفا مصدريا ، والجملة الفعلية التى تليه صلته ، ثم أنيبا عن الزمان ، كما أنيب عنه المصدر الصريح فى القول : جئتك خفوق النجم ، أى : وقت خفوق ، ويكون التقدير : كلّ وقت ضوء ، والمصدر المؤول من (ما) والفعل فى محل جرّ بالإضافة إلى (كل) ؛ كما هو فى إضافة الجملة التى تلى (إذا) إليها.
والآخر : أن تكون (ما) اسما نكرة بمعنى (وقت) مضافا إلى (كلّ) فى محل جر ، والجملة الفعلية التى تليها فى محل جرّ ، نعت للنكرة (ما) ، ويكون التقدير : كل وقت أضاء فيه ..
والتقدير الأكثر وضوحا وقبولا ـ فى رأيى ـ أن تكون (ما) نكرة بمعنى (مرة) ، وهى دالة على الزمان ، فاكتسبت (كل) معنى الزمان من هذا التقدير ، كما إذا قلت : كل صباح ، وكل مساء .. إلخ.
و (كلما) فى مثل هذا التركيب تعطى معنى التكرار ، وقد اكتسبته من معنى جذرها مع ضمّ (ما) إليه ، حيث إنها تعنى ضمّ الأشياء إلى بعضها ، سواء أكان لذات الشىء أم الضام للذوات (١) ، ثم اكتساب دلالة الزمن من تأويل (ما) ؛ فإذا قلت : كلّما جئتنى أكرمتك ، فالمعنى : أكرمك فى كلّ فرد من جيئاتك إلىّ (٢).
يلحظ الخطأ الشائع من تكرير (كلما) قبل جملة الجواب ، فيلزم الإقلاع عنه.
حيث تستوجب (كلما) وجود جملتين.
ومن أمثلة (كلما) : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ) [البقرة : ٨٧].
(كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) [آل عمران : ٣٧] الجملة الأولى (دخل عليها زكريا) ، وجملة الجواب (وجد).
__________________
(١) المفردات فى غريب القرآن ٤٣٧.
(٢) ينظر : البحر المحيط ١ ـ ٩٠.