(قَوارِيرَا) [الإنسان : ١٦] وفي قراءة بعضهم (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (٤) [الفجر : ٤] بالتنوين ، وهذه القراءة مصحّحة لتأويله في «كلا» ، إذ الفعل ليس أصله التّنوين.
*(كأنّ) : حرف مركب عند أكثرهم ، حتى ادّعى ابن هشام وابن الخباز الإجماع عليه ، وليس كذلك ، قالوا : والأصل في «كأنّ زيدا أسد» : إن زيدا كأسد ، ثم قدّم حرف التشبيه اهتماما به ، ففتحت همزة «أنّ» لدخول الجار عليه ، ثم قال الزجّاج وابن جنّي : ما بعد الكاف جرّ بها.
قال ابن جنّي : وهي حرف لا يتعلّق بشيء ، لمفارقته الموضع الذي تتعلّق فيه بالاستقرار ، ولا يقدّر له عامل غيره ، لتمام الكلام بدونه ، ولا هو زائد ، لإفادته التشبيه.
وليس قوله بأبعد من قول أبي الحسن : إن كاف التشبيه لا تتعلّق دائما.
ولمّا رأى الزجاج أن الجارّ غير الزائد حقّه التعلّق قدّر الكاف هنا اسما بمنزلة «مثل» ، فلزمه أن يقدّر له موضعا ، فقدّره مبتدأ ، فاضطر إلى أن قدّر له خبرا لم ينطق به قطّ ، ولا المعنى مفتقر إليه ، فقال : معنى «كأنّ زيدا أخوك» : مثل أخوّة زيد إيّاك كائن.
وقال الأكثرون : لا موضع لـ «أنّ» وما بعدها ؛ لأن الكاف و «أنّ» صارا بالتركيب كلمة واحدة ، وفيه نظر ، لأن ذاك في التركيب الوضعي ، لا في التركيب الطارىء في حال التركيب الإسنادي.
والمخلّص عندي من الإشكال أن يدّعى أنها بسيطة ، وهو قول بعضهم.
وفي شرح الإيضاح لابن الخبّاز : ذهب جماعة إلى أن فتح همزتها لطول الحرف بالتركيب ، لا لأنها معمولة للكاف كما قال أبو الفتح ، وإلا لكان الكلام غير عام ، والإجماع على أنه تامّ ، ا ه. وقد مضى أن الزجّاج يراه ناقصا.
وذكروا لـ «كأنّ» أربعة معان :
أحدها ـ وهو الغالب عليها ، والمتفق عليه ـ التشبيه ، وهذا المعنى أطلقه الجمهور لـ «كأنّ» ، وزعم جماعة منهم ابن السيّد البطليوسيّ أنه لا يكون إلا إذا كان خبرها اسما جامدا ، نحو «كأنّ زيدا أسد» بخلاف «كأنّ زيدا قائم ، أو في الدار ، أو عندك ، أو يقوم» فإنّها في ذلك كله للظّنّ.
والثاني : الشك والظن ، وذلك فيما ذكرنا ، وحمل ابن الأنباري عليه «كأنّك بالشتاء مقبل» ، أي : أظنّه مقبلا.