بعضهم : «ولم تكن ، ولم تزل» بالواو ؛ وهذه الحال متممة لمعنى الكلام كالحال في قوله تعالى : (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (٤٩) [المدثر : ٤٩] ، وك «حتى» وما بعدها في قولك : «ما زلت بزيد حتى فعل». وقال المطرزي : الأصل كأني أبصرك تنحطّ ، وكأني أبصر الدنيا لم تكن ، ثم حذف الفعل وزيدت الباء.
مسألة ـ زعم قوم أن «كأنّ» قد تنصب الجزأين ، وأنشدوا [من الرجز] :
١٠٦ ـ كأنّ أذنيه إذا تشوّفا |
|
قادمة أو قلما محرّفا (١) |
فقيل : الخبر محذوف ، أي : يحكيان ؛ وقيل : إنما الرواية : «تخال أذنيه» ؛ وقيل : للرواية «قادمتا أو قلما محرّفا» بألفات غير منوّنة ، على أن الأسماء مثنّاة ، وحذفت النون للضّرورة. وقيل : أخطأ قائله ، وهو أبو نخيلة ، وقد أنشده بحضرة الرشيد فلحّنه أبو عمرو والأصمعي ، وهذا وهم ، فإن أبا عمرو توفّي قبل الرشيد.
* * *
(كلّ) : اسم موضوع لاستغراق أفراد المنكّر ، نحو : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [آل عمران : ١٨٥ ؛ والأنبياء : ٣٥ ؛ والعنكبوت : ٥٧] ، والمعرّف المجموع ، نحو : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) (٩٥) [مريم : ٩٥] ، وأجزاء المفرد المعرّف ، نحو : «كلّ زيد حسن» فإذا قلت : «أكلت كلّ رغيف لزيد» كانت لعموم الأفراد ، فإن أضفت الرغيف إلى «زيد» صارت لعموم أجزاء فرد واحد.
ومن هنا وجب في قراءة غير أبي عمرو وابن ذكوان (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر : ٣٥] بترك تنوين (قَلْبِ) تقدير «كل» بعد قلب ليتم أفراد القلوب كما عمّ أجزاء القلب.
وترد «كلّ» ـ باعتبار كل واحد مما قبلها وما بعدها ـ على ثلاثة أوجه.
فأما أوجهها باعتبار ما قبلها :
فأحدها : أن تكون نعتا لنكرة أو معرفة ؛ فتدلّ على كماله ، وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظا ومعنّى ، نحو : «أطعمنا شاة كلّ شاة» ، وقوله [من الطويل] :
__________________
(١) الرجز ينسب للعماني الراجز ، انظر : خزانة الأدب ، الشاهد / ٨٤٢ /.