[الحجرات : ٩] ، ثم حمل على اللفظ ، إذ قال : «هما أخوان» كما قيل : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) [الحجرات : ٩] ، وجملة «هما أخوان» خبر «كلّ» ، وقوله : «قوما» إمّا بدل من «القنا» لأن قومهما من سببهما إذ معناه : تقاومهما ، فحذفت الزّوائد ، فهو بدل اشتمال ، أو مفعول لأجله ، أي : تعاطيا القنا لمقاومة كلّ منهما الآخر ، أو مفعول مطلق من باب (صُنْعَ اللهِ) [النمل : ٨٨] لأن تعاطي القنا يدلّ على تقاومهما.
ومعنى البيت أن كلّ الرفقاء في السفر إذا استقروا رفيقين رفيقين فهما كالأخوين لاجتماعهما في السّفر والصحبة ، وإن تعاطى كلّ واحد منهما مغالبة الآخر.
ومجموعا مذكرا في قوله تعالى : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [المؤمنون : ٥٣].
وقول لبيد [من الطويل] :
١١٨ ـ وكلّ أناس سوف تدخل بينهم |
|
دويهية تصفرّ منها الأنامل (١) |
ومؤنثا في قول الآخر [من الطويل] :
١١٩ ـ وكلّ مصيبات الزّمان وجدتها ، |
|
سوى فرقة الأحباب ، هيّنة الخطب (٢) |
ويروى :
وكل مصيبات تصيب فإنّها
وعلى هذا فالبيت مما نحن فيه.
وهذا الذي ذكرناه ـ من وجوب مراعاة المعنى مع النكرة ـ نصّ عليه ابن مالك ، وردّه أبو حيّان بقول عنترة [من الكامل] :
١٢٠ ـ جادت عليه كلّ عين ثرّة |
|
فتركن كلّ حديقة كالدّرهم (٣) |
فقال : «تركن» ولم يقل : «تركت» ؛ فدلّ على جواز «كلّ رجل قائم ، وقائمون».
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٢٥٦ ، وجمهرة اللغة ص ٢٣٢ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، والدرر ٦ / ٢٨٣ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ١٣٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٩٤ وشرح شواهد المغني ١ / ٤٠٢ ـ ٢ / ٥٣٧.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو لقيس بن ذريح في ديوانه ص ٦٦ ، والدرر ٥ / ١٣٦ ، وشرح شواهد المغني ص ٥٣٨ ، وبلا نسبة في همع الهوامع ٢ / ٧٤.
(٣) البيت من البحر الكامل ، وهو لعنترة في ديوانه ص ١٩٦ ، وجمهرة اللغة ٨٢ ـ ٩٧ ، والدرر ٥ / ١٣٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٨١ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٤٢٥ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣١٠.