على الظرفية باتّفاق ، وناصبها الفعل الذي هو جواب في المعنى مثل : (قالُوا) في الآية ، وجاءتها الظرفية من جهة «ما» ؛ فإنها محتملة لوجهين :
أحدهما : أن تكون حرفا مصدريّا والجملة بعده صلة له ؛ فلا محلّ لها ، والأصل كل رزق ، ثم عبّر عن معنى المصدر بـ «ما» والفعل ، ثم أنيبا عن الزمان ، أي كلّ وقت رزق ، كما أنيب عنه المصدر الصريح في «جئتك خفوق النّجم».
والثاني : أن تكون اسما نكرة بمعنى «وقت» ؛ فلا تحتاج على هذا إلى تقدير وقت ، والجملة بعده في موضع خفض على الصفة ؛ فتحتاج إلى تقدير عائد منها ، أي : كل وقت رزقوا فيه.
ولهذا الوجه مبعد ، وهو ادّعاء حذف الصفة وجوبا ، حيث لم يرد مصرّحا به في شيء من أمثلة هذا التركيب. ومن هنا ضعف قول أبي الحسن في نحو : «أعجبني ما قمت» : إن «ما» اسم ، والأصل : ما قمته ، أي : القيام الذي قمته ، وقوله في «يا أيها الرّجل» : إن «أيّا» موصولة والمعنى : يا من هو الرجل ، فإن هذين العائدين لم يلفظ بهما قطّ ، وهو مبعد عندي أيضا لقول سيبويه في نحو : «سرت طويلا» ، و «ضربت زيدا كثيرا» : إن «طويلا» و «كثيرا» حالان من ضمير المصدر محذوفا ، أي : سرته وضربته ، أي : «السّير» و «الضرب» ، لأن هذا العائد لم يتلفّظ به قط.
فإن قلت : فقد قالوا : «ولا سيّما زيد» بالرّفع ، ولم يقولوا قطّ : «ولا سيما هو زيد».
قلت : هي كلمة واحدة شذّوا فيها بالتزام الحذف ، ويؤنسك بذلك أن فيها شذوذين آخرين : إطلاق «ما» على الواحد ممّن يعقل ، وحذف العائد المرفوع بالابتداء مع قصر الصلة.
وللوجه الأول مقربان : كثرة مجيء الماضي بعدها نحو : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ) [النساء : ٥٦] ، (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) [البقرة : ٢٠] ، (وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) [هود : ٣٨] ، (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا) [نوح : ٧] ، وأنّ «ما» المصدريّة التوقيتيّة شرط من حيث المعنى ، فمن هنا احتيج إلى جملتين إحداهما مرتّبة على الأخرى ، ولا يجوز أن تكون شرطيّة مثلها في «ما تفعل أفعل» لأمرين : أن تلك عامة فلا تدخل عليها أداة العموم ، وأنها لا ترد بمعنى الزمان على الأصح.
وإذا قلت : «كلّما استدعيتك فإن زرتني فعبدي حرّ» ، فـ «كلّ» منصوبة أيضا على