قلت : إنما هو كالعوض ، ولو كان عوضا ألبتة لم يجز حذفه ، ثم إنه ليس بلفظ المحذوف ، فلم ينزّل منزلته من كل وجه.
وزعم الكوفيّون أن اللام في المستغاث بقيّة اسم وهو «آل» ، والأصل : يا آل زيد ، ثم حذفت همزة «آل» للتّخفيف ، وإحدى الألفين لالتّقاء الساكنين ، واستدلّوا بقوله [من الوافر] :
١٦٣ ـ فخير نحن عند النّاس منكم |
|
إذا الدّاعي المثوّب قال يا لا (١) |
فإن الجار لا يقتصر عليه ، وأجيب بأن الأصل : يا قوم لا فرار ، أو لا نفرّ ، فحذف ما بعد «لا» النافية ، أو الأصل : يا لفلان ثم حذف ما بعد الحرف كما يقال : «ألا تا» ، فيقال «ألا فا» يريدون : ألا تفعلون ، وألا فافعلوا.
تنبيه ـ إذا قيل «يا لزيد» بفتح اللام فهو مستغاث ، فإن كسرت فهو مستغاث لأجله والمستغاث محذوف ، فإن قيل «يا لك» احتمل الوجهين ، فإن قيل «يا لي» فكذلك عند ابن جني ، أجازهما في قوله [من الطويل] :
١٦٤ ـ فيا شوق ما أبقى ، ويا لي من النّوى |
|
ويا دمع ما أجرى ، ويا قلب ما أصبى (٢) |
وقال ابن عصفور : الصّواب أنه مستغاث لأجله ، لأن لام المستغاث متعلّقة بـ «أدعو» ؛ فيلزم تعدّي فعل المضمر المتّصل إلى ضميره المتّصل ؛ وهذا لا يلزم ابن جني ، لأنه يرى تعلّق اللام بـ «يا» كما تقدّم ، و «يا لا» تتحمّل ضميرا كما لا تتحمّله «ها» إذا عملت في الحال في نحو (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) [هود : ٧٢] نعم هو لازم لابن عصفور ، لقوله في «يا لزيد لعمرو» إن لام «لعمرو» متعلّقة بفعل محذوف تقديره : أدعوك لعمرو ؛ وينبغي له هنا أن يرجع إلى قول ابن الباذش إن تعلّقها باسم محذوف تقديره : مدعوّا لعمرو ؛ وإنما ادّعيا وجوب التقدير لأن العامل الواحد لا يصل بحرف واحد مرّتين ؛ وأجاب ابن الضائع بأنهما مختلفان معنى نحو : «وهبت لك دينارا لترضى».
تنبيه ـ زادوا اللام في بعض المفاعيل المستغنية عنها كما تقدّم ، وعكسوا ذلك
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لزهير بن مسعود الضبي في تخليص الشواهد ص ١٨٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٦ والدرر ٣ / ٤٦ ، وبلا نسبة في الخصائص ١ / ٢٧٦ ـ ٢ / ٣٧٥ ولسان العرب ١٥ / ٤٩١ مادة (يا)
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو للمتنبي في ديوانه ١ / ١٨٥ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٦١.