فحذفوها من بعض المفاعيل المفتقرة إليها كقوله تعالى : (تَبْغُونَها عِوَجاً) [آل عمران : ٩٩] ، (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) [يس : ٣٩] ، (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (٣) [المطففون : ٣] ؛ وقالوا : «وهبتك دينارا» ، و «صدتك ظبيا» ، و «جنيتك ثمرة» ، قال [من الكامل] :
١٦٥ ـ ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا |
|
[ولقد نهيتك عن بنات الأوبر](١) |
وقال [من الخفيف] :
١٦٦ ـ فتولّى غلامهم ثمّ نادى : |
|
أظليما أصيدكم أم حمارا (٢) |
وقال [من الوافر] :
١٦٧ ـ إذا قالت حذام فأنصتوها |
|
[فإنّ القول ما قالت حذام](٣) |
في رواية جماعة ، والمشهور «فصدّقوها».
الثاني والعشرون : «التّبيين ، ولم يوفوها حقها من الشرح ، وأقول : هي ثلاثة أقسام:
أحدها : ما تبيّن المفعول من الفاعل ، وهذه تتعلّق بمذكور ، وضابطها : أن تقع بعد فعل تعجّب أو اسم تفضيل مفهمين حبّا أو بغضا ، تقول : «ما أحبّني ، وما أبغضني» ، فإن قلت : «لفلان» فأنت فاعل الحب والبغض وهو مفعولهما ؛ وإن قلت «إلى فلان» فالأمر بالعكس ، هذا شرح ما قاله ابن مالك ، ويلزمه أن يذكر هذا المعنى في معاني «إلى» أيضا لما بينّا ، وقد مضى في موضعه.
الثاني والثالث : ما يبيّن فاعليّة غير ملتبسة بمفعوليّة ، وما يبيّن مفعوليّة غير ملتبسة بفاعليّة ، ومصحوب كلّ منهما إمّا غير معلوم ممّا قبلها ، أو معلوم ، لكن استؤنف بيانه تقوية وتوكيدا له ، واللام في ذلك كلّه متعلقة بمحذوف.
مثال المبيّنة للمفعوليّة : «سقيا لزيد ، وجدعا له» ؛ فهذه اللام ليست متعلّقة بالمصدرين ، ولا بفعليهما المقدّرين ، لأنهما متعدّيان ، ولا هي مقوّية للعامل لضعفه بالفرعيّة إن قدّر أنه المصدر ، أو بالتزام الحذف إن قدّر أنه الفعل ؛ لأن لام التقوية صالحة
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لأبي زيد في لسان العرب مادة (عسقل) ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ٣٦٦ ، والخصائص ٣ / ٥٨ ، ومعجم العين مادة (عسقل).
(٢) البيت من البحر الخفيف ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٥٩٦.
(٣) البيت من البحر الوافر ، وهو للجيم بن صعب في شرح التصريح ٢٢ / ٢٢٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٢٩٦ ولسان العرب ٦ / ٣٠٦ مادة (رقش) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٣١ ، والخصائص ٢ / ١٧٨.