للسّقوط ، وهذه لا تسقط ؛ لا يقال : «سقيا زيدا» ولا «جدعا إياه» خلافا لابن الحاجب ذكره في شرح المفصّل ؛ ولا هي ومخفوضها صفة للمصدر فتتعلّق بالاستقرار ، لأن الفعل لا يوصف فكذا ما أقيم مقامه ، وإنما هي لام مبيّنة للمدعوّ له أو عليه إن لم يكن معلوما من سياق أو غيره ، أو مؤكّدة للبيان إن كان معلوما ؛ وليس تقدير المحذوف «أعني» كما زعم ابن عصفور ، لأنّه يتعدّى بنفسه ، بل التقدير : إرادتي لزيد.
وينبني على أن هذه اللام ليست متعلّقة بالمصدر أنه لا يجوز في «زيد سقيا له» أن ينصب «زيد» بعامل محذوف على شريطة التفسير ، ولو قلنا إن المصدر الحالّ محلّ فعل دون حرف مصدريّ يجوز تقديم معموله عليه ؛ فتقول : «زيدا ضربا» لأن الضّمير في المثال ليس معمولا له ، ولا هو من جملته. وأما تجويز بعضهم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ) [محمد : ٨] كون «الذين» في موضع نصب على الاشتغال فوهم.
وقال ابن مالك في شرح باب النّعت من كتاب التّسهيل : اللام في «سقيا لك» متعلّقة بالمصدر ، وهي للتّبيين ، وفي هذا تهافت ، لأنّهم إذا أطلقوا القول بأن اللام للتّبيين فإنما يريدون بها أنها متعلّقة بمحذوف استؤنف للتبيين.
ومثال المبيّنة للفاعلية «تبّا لزيد ، وويحا له» فإنهما في معنى : خسر وهلك. فإن رفعتهما بالابتداء ، فاللام ومجرورها خبر ، ومحلّها الرفع ، ولا تبيين ، لعدم تمام الكلام.
فإن قلت : «تبّا له وويح» فنصبت الأول ورفعت الثاني لم يجز ، لتخالف الدّليل والمدلول عليه ، إذ اللام في الأول للتّبيين ، واللام المحذوفة لغيره.
واختلف في قوله تعالى : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) (٣٦) [المؤمنون : ٣٥ ـ ٣٦] ، فقيل : اللام زائدة ، و «ما» فاعل. وقيل : الفاعل ضمير مستتر راجع إلى «البعث» أو «الإخراج» فاللام للتّبيين. وقيل : «هيهات» مبتدأ بمعنى البعد ، والجارّ والمجرور خبر.
وأما قوله تعالى : (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) [يوسف : ٢٣] فيمن قرأ بهاء مفتوحة وياء ساكنة وتاء مفتوحة أو مكسورةأو مضمومة ، فـ «هيت» : اسم فعل ، ثم قيل : مسمّاه فعل ماض أي : تهيّأت ، فاللام متعلّقة به كما تتعلّق بمسمّاه لو صرح به ؛ وقيل : مسمّاه فعل أمر بمعنى «أقبل» أو «تعال» ، فاللام للتّبيين ، أي : إرادتي لك ، أو أقول لك. وأمّا من قرأ : هئت مثل «جئت» ، فهو فعل بمعنى : تهيّأت ، واللام متعلّقة به. وأما من قرأ كذلك ولكن جعل التّاء ضمير المخاطب ، فاللام للتّبيين مثلها مع اسم الفعل ، ومعنى تهيئه تيسّر