بسكون اللام فهي لام الطلب ، لأنه يقرأ بسكون الميم ، ومن كسر اللام ـ وهو حمزة ـ فهي لام التعليل ، لأنه يفتح الميم.
وهذا التّعليل إما معطوف على تعليل آخر متصيّد من المعنى لأن قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) [المائدة : ٤٦] معناه وآتيناه الإنجيل للهدى والنور ؛ ومثله (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً) [الصافات : ٦ ـ ٧] ، لأن المعنى إنا خلقنا الكواكب في السماء زينة وحفظا ، وإما متعلّق بفعل مقدّر مؤخّر ، أي : ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله أنزله ؛ ومثله : (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ) [الجاثية : ٢٢] ، أي : وللجزاء خلقهما ؛ وقوله سبحانه : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [الأنعام : ٧٥] ، أي : وأريناه ذلك ؛ وقوله تعالى : (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) [مريم : ٢١] ، أي : وخلقناه من غير أب.
وإذا كان مرفوع فعل الطّلب فاعلا مخاطبا استغنى عن اللام بصيغة «افعل» غالبا ، نحو : «قم» و «اقعد» ؛ وتجب اللام إن انتفت الفاعليّة ، نحو : «لتعن بحاجتي» ، أو الخطاب ، نحو : «ليقم زيد» ، أو كلاهما ، نحو : «ليعن زيد بحاجتي». ودخول اللام على فعل المتكلم قليل ، سواء أكان المتكلّم مفردا ، نحو قوله عليه الصلاة والسّلام : قوموا فلأصلّ لكم» ، أو معه غيره كقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) [العنكبوت : ١٢]. وأقلّ منه دخولها في فعل الفاعل المخاطب كقراءة جماعة : (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) [يونس : ٥٨] ، وفي الحديث : «لتأخذوا مصافّكم».
وقد تحذف اللام في الشعر ويبقى عملها كقوله [من الطويل] :
١٦٩ ـ فلا تستطل منّي بقائي ومدّتي ، |
|
ولكن يكن للخير منك نصيب (١) |
وقوله [من الوافر] :
١٧٠ ـ محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من شيء تبالا (٢) |
أي : «ليكن» و «لتفد» ، و «التّبال» : الوبال ، أبدلت الواو المفتوحة تاء مثل «تقوى».
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١١٢ ، ورصف المباني ص ٢٥٦ ، وسر صناعة الأعراب ص ٣٩٠ ، وشرح شواهد المغني ص ٥٩٧.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو لأبي طالب في شرح شذور الذهب ص ٢٧٥ ، وله وللأعش في خزانة الأدب ٩ / ١١ وللأعشى أو لحسان أو لمجهول في الدرر ٥ / ٦١ ، وبلا نسبة في شرح شواهد الفصل ٧ / ٣٥.