ومنع المبرد حذف اللام وإبقاء عملها حتّى في الشعر ، وقال في البيت الثاني : إنه لا يعرف قائله ، مع احتماله لأن يكون دعاء بلفظ الخبر نحو : «يغفر لك» ، و «يرحمك الله» وحذفت الياء تخفيفا ، واجتزىء عنها بالكسرة كقوله [من الوافر] :
١٧١ ـ [فطرت بمنضلي في يعملات] |
|
دوامي الأيد يخبطن السّريحا (١) |
قال : وأما قوله [من الطويل] :
١٧٢ ـ على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي |
|
لك الويل ، حرّ الوجه أو يبك من بكى (٢) |
فهو على قبحه جائز ؛ لأنه عطف على المعنى إذ «اخمشي» و «لتخمشي» بمعنى واحد.
وهذا الذي منعه المبرد في الشعر أجازه الكسائيّ في الكلام ، لكن بشرط تقدّم «قل» ، وجعل منه : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) [إبراهيم : ٣١] ، أي : ليقيموها ؛ ووافقه ابن مالك في شرح الكافية ، وزاد عليه أن ذلك يقع في النثر قليلا بعد القول الخبري كقوله [من الرجز] :
١٧٣ ـ قلت لبوّاب لديه دارها |
|
تئذن فإنّي حمؤها وجارها (٣) |
أي : لتأذن ، فحذف اللام وكسر حرف المضارعة ، قال : وليس الحذف بضرورة لتمكّنه من أن يقول : «إيذن» ، ا ه.
قيل : وهذا تخلّص من ضرورة لضرورة ، وهي إثبات همزة الوصل في الوصل ، وليس كذلك ؛ لأنهما بيتان لا بيت مصرّع ؛ فالهمزة في أول البيت لا في حشوه ؛ بخلافها في نحو قوله [من السريع] :
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لمضرس بن ربعي في شرح أبيات سيبويه ١ / ٢٦ ، ولسان العرب ١٣ / ٨١ مادة (ثمن) ، وله وليزيد بن الطثرية في شرح شواهد المغني ص ٥٩٨ ولسان العرب ٥ / ٣٢٠ مادة (جزز) وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٦٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٤٢.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لمتم بن نويرة في ديوانه ص ٨٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٩٩ وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٥٣٢ ، ورصف المباني ص ٢٢٨.
(٣) البيت من البحر الخفيف ، وهو بلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٥٢٥ ، وتذكرة النحاة ص ٦٦٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ١٤ ـ ١٠٦.