١٧٤ ـ لا نسب اليوم ولا خلّة |
|
إتّسع الخرق على الرّاقع (١) |
والجمهور على أن الجزم في الآية مثله في قولك : «ائتني أكرمك». وقد اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال :
أحدها للخليل وسيبويه ، أنه بنفس الطّلب ، لما تضمّنه من معنى «إن» الشرطيّة كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك.
والثاني للسيرافي والفارسي ، أنه بالطلب لنيابته مناب الجازم الذي هو الشرط المقدّر ، كما أن النّصب بـ «ضربا» في قولك «ضربا زيدا» لنيابته عن «اضرب» ، لا لتضمنه معناه.
والثالث للجمهور ، أنه بشرط مقدّر بعد الطلب.
وهذا أرجح من الأوّل ، لأن الحذف والتضمين وإن اشتركا في أنهما خلاف الأصل ، لكن في التضمين تغيير معنى الأصل ، ولا كذلك الحذف ، وأيضا إن تضمين الفعل معنى الحرف إمّا غير واقع أو غير كثير.
ومن الثاني ، لأن نائب الشيء يؤدّي معناه ، والطلب لا يؤدّي معنى الشّرط.
وأبطل ابن مالك بالآية أن يكون الجزم في جواب شرط مقدّر ، لأن تقديره يستلزم أن لا يتخلّف أحد من المقول له ذلك عن الامتثال ، ولكن التخلف واقع.
وأجاب ابنه بأن الحكم مسند إليهم على سبيل الإجمال ، لا إلى كل فرد ؛ فيحتمل أن الأصل : يقم أكثرهم ، ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه فارتفع واتّصل بالفعل ، وباحتمال أنه ليس المراد بالعباد الموصوفين بالإيمان مطلقا ، بل المخلصين منهم ، وكلّ مؤمن مخلص قال له الرسول أقم الصلاة أقامها.
وقال المبرّد : التقدير : قل لهم أقيموا يقيموا ، والجزم في جواب «أقيموا» المقدّر ، لا في جواب «قل».
ويردّه أن الجواب لا بدّ أن يخالف المجاب : إما في الفعل والفاعل ، نحو : «ائتني أكرمك» ، أو في الفعل ، نحو : «أسلم تدخل الجنة» ، أو في الفاعل ، نحو : «قم أقم».
ولا يجوز أن يتوافقا فيهما ، وأيضا فإن الأمر المقدّر للمواجهة ، ويقيموا للغيبة.
__________________
(١) البيت من البحر السريع ، وهو لأنس بن العباس بن مرادس في تخليص الشواهد ص ٤٠٥ ، الدرر ٦ / ١٧٥ ـ ٣١٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٠١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٢٠ ، شرح ديوان المرزوقي ص ٧٥.