وتدخل باتّفاق في موضعين ، أحدهما : المبتدأ ، نحو : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً) [الحشر : ١٣] ، والثاني بعد «إنّ». وتدخل في هذا الباب على ثلاثة باتفاق : الاسم ، نحو : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) [إبراهيم : ٣٩] ، والمضارع لشبهه به ، نحو : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) [النحل : ١٢٤] ، والظرف ، نحو : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤) [القلم : ٤] ؛ وعلى ثلاثة باختلاف :
أحدها : الماضي الجامد ، نحو : «إنّ زيدا لعسى أن يقوم» ، أو «لنعم الرجل» ، قاله أبو الحسن ، ووجهه أن الجامد يشبه الاسم ، وخالفه الجمهور.
والثاني : الماضي المقرون بـ «قد» ، قاله الجمهور ، ووجهه أن «قد» تقرب الماضي من الحال فيشبه المضارع المشبه للاسم ، وخالف في ذلك خطاب ومحمد بن مسعود الغزني ، وقالا : إذا قيل : «إنّ زيدا لقد قام» فهو جواب لقسم مقدّر.
والثالث : الماضي المتصرّف المجرّد من «قد» ، أجازه الكسائي وهشام على إضمار «قد» ، ومنعه الجمهور ، وقالوا : إنما هذه لام القسم ، فمتى تقدّم فعل القلب فتحت همزة «أنّ» كـ «علمت أنّ زيدا لقام» والصواب عندهما الكسر.
واختلف في دخولها في غير باب إن على شيئين :
أحدهما خبر المبتدأ المتقدّم ، نحو : «لقائم زيد» ، فمقتضى كلام جماعة من النحويين الجواز ، وإن كان في أمالي ابن الحاجب : لام الابتداء يجب معها المبتدأ.
الثاني : الفعلي ، نحو : «ليقوم زيد» ، فأجاز ذلك ابن مالك والمالقي وغيرهما ، زاد المالقي «الماضي الجامد» ، نحو : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [المائدة : ٦٢] ، وبعضهم المتصرّف المقرون بـ «قد» ، نحو : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) [الأحزاب : ١٥] ، (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ) [يوسف : ٧] ؛ والمشهور أن هذه لام القسم. وقال أبو حيان في : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ) [البقرة : ٦٥] : هي لام الابتداء مفيدة لمعنى التّوكيد ، ويجوز أن يكون قبلها قسم مقدّر وأن لا يكون ، ا ه.
ونصّ جماعة على منع ذلك كله. قال ابن الخباز في شرح الإيضاح : لا تدخل لام الابتداء على الجمل الفعليّة إلا في باب «إنّ» ، ا ه.
وهو مقتضى ما قدّمناه عن ابن الحاجب ، وهو أيضا قول الزمخشري. قال في تفسير (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) [الضحى : ٥] : لام الابتداء لا تدخل إلّا على المبتدأ والخبر ؛ وقال في (لا أُقْسِمُ) [القيامة : ١] : هي لام الابتداء دخلت على مبتدأ محذوف ، ولم يقدّرها