لام القسم ، لأنها عنده ملازمة للنون ؛ وكذا زعم في (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) [الضحى : ٥] أن المبتدأ مقدر ، أي : ولأنت سوف يعطيك ربك.
وقال ابن الحاجب : اللام في ذلك لام التوكيد ، وأما قول بعضهم إنها لام الابتداء وإن المبتدأ مقدّر بعدها ففاسد من جهات : إحداها : أن اللام مع الابتداء كـ «قد» مع الفعل و «إنّ» مع الاسم ، فكما لا يحذف الفعل والاسم ويبقيان بعد حذفهما كذلك اللام بعد حذف الاسم.
والثانية : أنه إذا قدّر المبتدأ في نحو : «لسوف يقوم زيد» يصير التّقدير : لزيد سوف يقوم زيد ، ولا يخفى ما فيه من الضعف.
والثالثة : أنه يلزم إضمار لا يحتاج إليه الكلام ، ا ه.
وفي الوجهين الأخيرين نظر ، لأنّ تكرار الظاهر إنما يقبح إذا صرح بهما ، ولأن النحويين قدّروا مبتدأ بعد الواو في نحو : «قمت وأصكّ عينه» ، وبعد الفاء في نحو : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة : ٩٥] ، وبعد اللام في نحو : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١) [القيامة : ١] ، وكل ذلك تقدير لأجل الصناعة دون المعنى ، فكذلك هنا.
وأما الأول فقد قال جماعة في (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه : ٦٣] : إن التقدير لهما ساحران ، فحذف المبتدأ وبقيت اللام ، ولأنه يجوز على الصحيح نحو : «لقائم زيد».
وإنما يضعف قول الزمخشري أن فيه تكلّفين لغير ضرورة ، وهما تقدير محذوف وخلع اللام عن معنى الحال ، لئلّا يجتمع دليلا الحال والاستقبال ، وقد صرح بذلك في تفسير : (لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) [مريم : ٦٦] ، ونظّره بخلع اللام عن التعريف وإخلاصها للتعويض في «يا لله» ، وقوله إن لام القسم مع المضارع لا تفارق النون ممنوع ، بل تارة تجب اللام وتمتنع النون ، وذلك مع التنفيس كالآية ، ومع تقديم المعمول بين اللام والفعل نحو : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (١٥٨) [آل عمران : ١٥٨] ، ومع كون الفعل للحال نحو : (لا أُقْسِمُ) [القيامة : ١]. وإنّما قدّر البصريّون هنا مبتدأ لأنهم لا يجيزون لمن قصد الحال أن يقسم إلا على الجملة الاسمية ، وتارة يمتنعان ، وذلك مع الفعل المنفي نحو : (تَاللهِ تَفْتَؤُا) [يوسف : ٨٥] ، وتارة يجبان ، وذلك فيما بقي نحو : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء :٥٧].
* * *
مسألة ـ للام الابتداء الصّدرية ، ولهذا علّقت العامل في «علمت لزيد منطلق» ،