ومنعت من النصب على الاشتغال في نحو : «زيد لأنا أكرمه» ، ومن أن يتقدم عليها الخبر في نحو : «لزيد قائم» ، والمبتدأ في نحو : «لقائم زيد» فأما قوله [من الرجز] :
١٧٦ ـ أمّ الحليس لعجوز شهربه |
|
[ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه](١) |
فقيل : اللام زائدة ، وقيل : للابتداء والتقدير لهي عجوز ؛ وليس لها الصّدرية في باب «إن» لأنها فيه مؤخّرة من تقديم ، ولهذا تسمى اللام المزحلقة ، والمزحلقة أيضا ، وذلك لأن أصل «إنّ» زيدا لقائم» «لإن زيدا قائم» ، فكرهوا افتتاح الكلام بتوكيدين ، فأخّروا اللام دون «إن» لئلّا يتقدم معمول الحرف عليه ، وإنما لم ندّع أن الأصل «إنّ لزيدا قائم» لئلا يحول ما له الصدر بين العامل والمعمول ، ولأنهم قد نطقوا باللام مقدّمة على «إنّ» في نحو قوله [من الطويل] :
١٧٧ ـ [ألا يا سنا برق على قلل الحمى] |
|
لهنّك من برق عليّ كريم (٢) |
ولاعتبارهم حكم صدريّتها فيما قبل «إن» دون ما بعدها ، دليل الأول أنها تمنع من تسلّط فعل القلب على أن ومعموليها ، ولذلك كسرت في نحو : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) [المنافقون : ١] بل قد أثّرت هذا المنع مع حذفها في قول الهذلي [من الكامل] :
١٧٨ ـ فغبرت بعدهم بعيش ناصب |
|
وإخال إنّي لاحق مستتبع (٣) |
الأصل : إني للاحق ، فحذفت اللام بعد ما علّقت «إخال». وبقي الكسر بعد حذفها كما كان مع وجودها ، فهو مما نسخ لفظه وبقي حكمه. ودليل الثاني أن عمل «إن» يتخطّاها ، تقول : «إنّ في الدار لزيدا» ، و «إنّ زيدا لقائم» ، وكذلك يتخطّاها عمل العامل بعدها ، نحو : «إنّ زيدا طعامك لآكل». ووهم بدر الدين ابن مالك ، فمنع من ذلك ، والوارد منه في التنزيل كثير ، نحو : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١) [العاديات : ١١].
* * *
تنبيه ـ «إنّ زيدا لقام ، أو ليقومن» اللام جواب قسم مقدّر ، لام الابتداء ، فإذا دخلت عليها «علمت» مثلا فتحت همزتها ؛ فإن قلت : «لقد قام زيد» فقالوا : هي لام
__________________
(١) البيت من الرجز ، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ٣٧٨ ، وجمهرة اللغة مادة (بر).
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في لسان العرب مادة / أثن /.
(٣) البيت من البحر الكامل ، وهو لأبي ذؤيب في لسان العرب ، مادة (نصب) ، وفي تاج العروس مادة (نصب) ، واتفاق المباني ص ١٨٩.