والنّصب على التمييز كما يقع التمييز بعد مثل في نحو : (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) [الكهف : ١٠٩] ، و «ما» : كافّة عن الإضافة ، والفتحة بناء مثلها في «لا رجل» ، وأما انتصاب المعرفة نحو : «ولا سيما زيدا» فمنعه الجمهور ؛ وقال ابن الدهّان : لا أعرف له وجها ، ووجّهه بعضهم بأن «ما» كافّة ، وأن «لا سيما» نزلت منزلة «إلّا» في الاستثناء ، وردّ بأن المستثنى مخرج ، وما بعدها داخل من باب أولى ؛ وأجيب بأنه مخرج مما أفهمه الكلام السابق من مساواته لما قبلها ، وعلى هذا فيكون استثناء منقطعا.
______________________________________________________
يكون عطفا والأول أولى وأعذب إلى هنا كلامه.
قلت : ولا أعرف أحدا ذهب إلى ما ذكره من أن لا سيما منقول من باب لا التبرئة إلى باب المفعول ، وقال ابن قاسم : وما يوجد في كلام بعض المصنفين من قولهم : لا سيما والأمر كذا تركيب غير عربي ، والرضي قد أجازه فتأمله (والنصب على التمييز) ؛ لأن سيما بمعنى مثل ، فهو مبهم يحتاج إلى التمييز فيقع بعده (كما يقع التمييز بعد مثل في نحو (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) وما كافة) لسي (عن الإضافة والفتحة بناء) ؛ لأنه حينئذ مفرد غير مضاف ولا مشبه بالمضاف (مثلها في لا رجل.
وأما انتصاب المعرفة نحو ولا سيما زيدا فمنعه الجمهور) لفقدان ما يقتضي النصب.
(وقال ابن الدهان لا أعرف له وجها) وقد يوجه بأن ما تامة بمعنى شيء ، والنصب بتقدير الرأي ، ولا مثل أرى زيدا (ووجه بعضهم بأن ما كافة وأن لا سيما تنزلت منزلة إلا في الاستثناء) فنصب الاسم الواقع بعدها كما ينصب بعد إلا الاستثنائية ، لكن يقدح فيه اقترانها بالواو ، ولا يقال : جاء القوم وإلا زيدا والقول بزيادتها ضعيف (ورد بأن المستثنى مخرج وما بعدها) أي : بعد لا سيما (داخل من باب الأولى ، وأجيب بأنه مخرج مما أفهمه الكلام السابق من مساواته لما قبلها ، وعلى هذا) يكون معنى جاءني القوم ولا سيما زيدا جاؤوني لكن زيدا جاءني مجيئا وهو أولى به منهم باعتبار صدقه وإخلاصه ، وليس مساويا لهم في ذلك الحكم (فيكون الاستثناء منقطعا) وفيه تأمل ، لأن زيدا مخرج من المستثنى الشامل له لو لا الإخراج وهذا معنى الاتصال ، ولا يرد أن حكم المستثنى في الاستثناء المتصل مخالف لحكم المستثنى منه ، وهو هنا موافق إذ المجيء ثابت للكل ؛ لأن الحكم على رأيه هو ما أفهمه الكلام السابق من المساواة أي : إن القوم ساوى بعضهم بعضا في المجيء فأخرج زيد منهم بهذا الاعتبار ، أي : ثبت له عدم المساواة من حيث فاق غيره ، وهذا خلاف الحكم الأول والله أعلم.