أي العظيم البطن ؛ وكونها للالتماس كقولك لنظيرك غير مستعل عليه : «لا تفعل كذا». وكذا الحكم إذا خرجت عن الطلب إلى غيره كالتهديد في قولك لولدك أو عبدك :
«لا تطعني».
وليس أصل «لا» التي يجزم الفعل بعدها لام الأمر فزيدت عليها ألف خلافا لبعضهم ، ولا هي النافية والجزم بلام أمر مقدّرة خلافا للسهيلي.
والثالث : «لا» الزائدة الداخلة في الكلام لمجرّد تقويته وتوكيده ، نحو : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ) [طه : ٩٢] ، (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف : ١٢] ، ويوضحه الآية الأخرى. (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) [ص : ٧٥] ، ومنه (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [الحديد : ٢٩] أي : ليعلموا ، وقوله [من الطويل] :
٢١٦ ـ وتلحينني في اللهو أن لا أحبّه |
|
وللهو داع دائب غير غافل (١) |
وقوله [من الطويل] :
٢١٧ ـ أبى جوده لا البخل،واستعجلت به |
|
نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله (٢) |
وذلك في رواية من نصب «البخل» ؛ فأمّا من خفض فـ «لا» حينئذ اسم مضاف ، لأنه أريد به اللّفظ. وشرح هذا المعنى أن كلمة «لا» تكون للبخل ، وتكون للكرم ، وذلك أنها إذا وقعت بعد قول القائل : «أعطني» أو «هل تعطني» كانت للبخل ، فإن وقعت بعد قوله : «أتمنعني عطاءك» أو «أتحرمني نوالك» كانت للكرم. وقيل : هي غير زائدة أيضا في رواية النصب ، وذلك على أن تجعل اسما مفعولا ، و «البخل» بدلا منها ، قال الزجّاج. وقال آخر : «لا» مفعول به ، و «البخل» مفعول لأجله ، أي : كراهية البخل مثل : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) [النساء : ١٧٦] ، أي : كراهية أن تضلّوا. وقال أبو عليّ في الحجة : قال أبو الحسن : فسّرته العرب : أبي جوده البخل ، وجعلوا «لا» حشوا ، ا ه.
وكما اختلف في «لا» في هذا البيت أنافية أم زائدة ، كذلك اختلف فيها في مواضع من التنزيل ، أحدها : قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١) [القيامة : ١] فقيل : هي نافية ، واختلف هؤلاء في منفيّها على قولين :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للأحوص في ديوانه ص ١٧٩ ، والأزهية ص ١٥٦ ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٥٧٠.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في الخصائص ٢ / ٢٨٣ ، واللباب في علل البناء والإعراب ١ / ٢٤٥.