شَيْئاً) [الأنعام : ١٥١] ، فقيل : إنّ «لا» نافية ، وقيل : ناهية ، وقيل : زائدة ، والجميع محتمل.
وحاصل القول في الآية أن (ما) خبريّة بمعنى «الذي» منصوبة بـ «أتل» ، و (حَرَّمَ رَبُّكُمْ) صلة ، و (عَلَيْكُمْ) متعلّقة بـ «حرّم» ، هذا هو الظاهر ، وأجاز الزجّاج كون (ما) استفهاميّة منصوبة بـ «حرّم» ، والجملة محكية بـ «أتل» ؛ لأنه بمعنى «أقول» ، ويجوز أن يعلّق «عليكم» بـ «أتل» ، ومن رجح إعمال أول المتنازعين ـ وهو الكوفيّون ـ رجّحه على تعلّقه بـ «حرّم» ، وفي «أن» وما بعدها أوجه :
أحدها : أن يكونا في موضع نصب بدلا من (ما ،) وذلك على أنها موصولة لا استفهاميّة ؛ إذا لم يقترن البدل بهمزة الاستفهام.
الثاني : أن يكونا في موضع رفع خبرا لـ «هو» محذوفا.
أجازهما بعض المعربين. وعليهما فـ «لا» زائدة ، قاله ابن الشجري ، والصواب أنها نافية على الأول ، وزائدة على الثاني.
والثالث : أن يكون الأصل : أبيّن لكم ذلك لئلّا تشركوا ، وذلك لأنهم إذا حرّم عليهم رؤساؤهم ما أحلّه الله سبحانه وتعالى فأطاعوهم أشركوا ؛ لأنهم جعلوا غير الله بمنزلته.
والرابع : أن الأصل أوصيكم بأن لا تشركوا ، بدليل أنّ (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [الأنعام : ١٥١] معناه وأوصيكم بالوالدين ، وأن في آخر الآية : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) [الأنعام : ١٥١].
وعلى هذين الوجهين فحذفت الجملة وحرف الجر.
والخامس : أن التقدير : أتل عليكم أن لا تشركوا ، فحذف مدلولا عليه بما تقدّم ، وأجاز هذه الأوجه الثلاثة الزجّاج.
والسادس : أن الكلام تمّ عند (حَرَّمَ رَبُّكُمْ) [الأنعام : ١٥١] ثم ابتدىء : عليكم أن لا تشركوا ، وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا ، وأن لا تقتلوا ، ولا تقربوا ، فـ «عليكم» على هذا اسم فعل بمعنى : الزموا.
و «أن» في الأوجه الستّة مصدريّة ، و «لا» في الأوجه الأربعة الأخيرة نافية.
والسابع : أن «أن» مفسّرة بمعنى «أي» ، و «لا» : ناهية ، والفعل مجزوم لا منصوب ، وكأنه قيل : أقول لكم لا تشركوا به شيئا ، وأحسنوا بالوالدين إحسانا ، وهذان الوجهان الأخيران أجازهما ابن الشجري.