الله عنه ، وقد وقع مثله في حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفي كلام الصدّيق رضياللهعنه ، وقلّ من يتنبّه لهما ؛ فالأول قوله عليه الصلاة والسّلام في بنت أبي سلمة «إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلّت لي ، إنّها لابنة أخي من الرّضاعة» ، فإن حلّها له عليه الصلاة والسّلام منتف عنه من جهتين : كونها ربيبته في حجره ، وكونها ابنة أخيه من الرّضاعة ، كما أن معصية صهيب منتفية من جهتي المخافة والإجلال ، والثاني قوله رضياللهعنه لما طول في صلاة الصبح وقيل له كادت الشمس تطلع «لو طلعت ما وجدتنا غافلين» لأن الواقع عدم غفلتهم وعدم طلوعها ، وكل منهما يقتضي أنها لم تجدهم غافلين ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأنها إذا لم تطلع لم تجدهم ألبتّة لا غافلين ولا ذاكرين.
الثاني ـ لهجت الطلبة بالسؤال عن قوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٣) [الأنفال : ٢٣] وتوجيهه أن الجملتين يتركّب منهما قياس ، وحينئذ فينتج : لو علم الله فيهم خيرا لتولّوا ، وهذا مستحيل ، والجواب من ثلاثة أوجه ، اثنان يرجعان إلى نفي كونه قياسا ، وذلك بإثبات اختلاف الوسط ، أحدهما : أن التقدير لأسمعهم إسماعا نافعا ، ولو أسمعهم إسماعا غير نافع لتولّوا ؛ والثاني أن تقدر ولو أسمعهم على تقدير عدم علم الخير فيهم ؛ والثالث بتقدير كونه قياسا متّحد الوسط صحيح الإنتاج ، والتقدير : ولو علم الله فيهم خيرا وقتا ما لتولّوا بعد ذلك الوقت.
الثاني من أقسام «لو» : أن تكون حرف شرط في المستقبل ، إلا أنها لا تجزم ، كقوله [من الطويل] :
٢٢٦ ـ ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا |
|
ومن دون رمسينا من الأرض سبسب (١) |
٢٢٧ ـ لظلّ صدى صوتي ، وإن كنت رمّة |
|
لصوت صدى ليلى يهشّ ويطرب (٢) |
وقول توبة [من الطويل] :
٢٢٨ ـ ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلمت |
|
عليّ ، ودوني جندل وصفائح |
٢٢٩ ـ لسلّمت تسليم البشاشة ، أو زقا |
|
إليها صدى من جانب القبر صائح (٣) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لأبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٩٣٨ ، وشرح شواهد المغني ص ٦٤٣ ، وهو للمجنون في ديوانه ص ٣٩ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٢٢٤.
(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في تاج العروس مادة / لو /.
(٣) البيتان من الطويل ، وهما لتوبة بن الممير في الأغاني ١١ / ٢٢٩ ، أمالي المرتضى ١ / ٤٥٠ ، والدرر اللوامع ٥ / ٩٦ ولرؤبة في همع الهوامع ٢ / ٦٤.