وقوله [من الكامل] :
٢٣٠ ـ لا يلفك الرّاجيك إلّا مظهرا |
|
خلق الكرام ، ولو تكون عديما (١) |
وقوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) [النساء : ٩] ، أي : وليخش الذين إن شارفوا وقاربوا أن يتركوا ، وإنما أوّلنا «التّرك» بمشارفة الترك لأن الخطاب للأوصياء ، وإنما يتوجّه إليهم قبل الترك ، لأنهم بعده أموات ، ومثله : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٢٠١) [الشعراء : ٢٠١] أي : حتى يشارفوا رؤيته ويقاربوها ، لأن بعده (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٢٠٢) [الشعراء : ٢٠٢] ، وإذا رأوه ثم جاءه لم يكن مجيئه لهم بغتة وهم لا يشعرون ؛ ويحتمل أن تحمل الرّؤية على حقيقتها ، وذلك على أن يكونوا يرونه فلا يظنّونه عذابا مثل : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤) [الطور : ٤٤] ، أو يعتقدونه عذابا ، ولا يظنّونه واقعا بهم ، وعليهما فيكون أخذه لهم بغتة بعد رؤيته. ومن ذلك : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) [البقرة : ١٨٠] ، أي : إذا قارب حضوره ، (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ) [البقرة : ٢٣١] لأن بلوغ الأجل انقضاء المدّة ، وإنما الإمساك قبله.
وأنكر ابن الحاجّ في نقده على «المقرب» مجيء «لو» للتعليق في المستقبل ، قال : ولهذا لا تقول : «لو يقوم زيد فعمرو منطلق» كما تقول ذلك مع «إن».
وكذلك أنكره بدر الدين بن مالك ، وزعم أن إنكار ذلك قول أكثر المحقّقين ، قال : وغاية ما في أدلّة من أثبت ذلك أن ما جعل شرطا لـ «لو» مستقبل في نفسه ، أو مقيّد بمستقبل ، وذلك لا ينافي امتناعه فيما مضى لامتناع غيره ، ولا يحوج إلى إخراج «لو» عما عهد فيها من المضيّ ، ا ه.
وفي كلامه نظر في مواضع :
أحدها : نقله عن أكثر المحقّقين ، فإنا لا نعرف من كلامهم إنكار ذلك ، بل كثير منهم ساكت عنه ، وجماعة منهم أثبتوه.
والثاني : أن قوله : «وذلك لا ينافي ـ إلى آخره» مقتضاه أن الشرط يمتنع لامتناع الجواب ، والذي قرّره هو وغيره من مثبتي الامتناع فيهما أن الجواب هو الممتنع لامتناع
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٨٥ ، وجواهر الأدب ص ٢٦٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٦.