٩] ؛ إذ لا يستحيل أن يقال : لو شارفت فيما مضى أنك تخلف ذرّية ضعافا لخفت عليهم ، ولكنك لم تشارف ذلك فيما مضى ؛ وممّا لا يمكن ذلك فيه قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [يوسف : ١٧] ، وكون «لو» بمعنى «إن» قاله كثير من النحويين في نحو : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [يوسف : ١٧] ، (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف : ٩] ومثلها [التوبة : ٣٣] ، (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة : ١٠٠] ، (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) [البقرة : ٢٢١] ، (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) [الأحزاب : ٥٢] ، ونحو «أعطوا السائل ولو جاء على فرس» ، وقوله [من البسيط] :
٢٣١ ـ قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم |
|
دون النّساء ولو باتت بأطهار (١) |
وأما نحو : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) [الأنعام : ٢٧] ، (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ) [الأعراف : ١٠٠] ، وقول كعب رضياللهعنه : [من البسيط] :
٢٣٢ ـ [لقد أقوم مقاما لو يقوم به] |
|
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل (٢) |
فمن القسم الأول ، لا من هذا القسم ، لأن المضارع في ذلك مراد به المضيّ ، وتحرير ذلك أن تعلم أن خاصية «لو» فرض ما ليس بواقع واقعا ، ومن ثم انتفى شرطها في الماضي والحال لما ثبت من كون متعلّقها غير واقع. وخاصيّة «إن» تعليق أمر بأمر مستقبل محتمل ، ولا دلالة له على حكم شرطها في الماضي والحال ؛ فعلى هذا قوله : «ولو باتت بأطهار» يتعيّن فيه معنى «إن» ، لأنه خبر عن أمر مستقبل محتمل ، أما استقباله فلأن جوابه محذوف دلّ عليه «شدّوا» ، و «شدّوا» مستقبل لأنه جواب إذا ، وأما احتماله فظاهر ؛ ولا يمكن جعلها امتناعيّة ، للاستقبال والاحتمال ، ولأن المقصود تحقّق ثبوت الطّهر لا امتناعه ، وأما قوله : «ولو تلتقي ـ البيت» ، وقوله : «ولو أن ليلى ـ البيت» فيحتمل أن «لو» فيهما بمعنى «إن» ، على أنّ المراد مجرّد الإخبار بوجود ذلك عند وجود هذه الأمور في المستقبل ؛ ويحتمل أنها على بابها وأن المقصود فرض هذه الأمور واقعة والحكم عليها مع العلم بعدم وقوعها.
والحاصل أنّ الشرط متى كان مستقبلا محتملا ، وليس المقصود فرضه الآن أو فيما
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للأخطل في ديوانه ص ٨٤ ، وحماسة البحتري ٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٦ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٨٥ ، ورصف المباني ص ٢٩١.
(٢) البيت من البسيط ، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص ٦٦.