فالأول نحو : (وَلَوْ لا إِذْ
سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ) [النور : ١٦] ، (فَلَوْ لا إِذْ
جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) [الأنعام : ٤٣] ؛ والثاني والثالث نحو : (فَلَوْ لا إِذا
بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) [الواقعة : ٨٣ ـ ٨٥] ، (فَلَوْ لا إِنْ
كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها) [الواقعة : ٨٦ ـ ٨٧] ، المعنى : فهلّا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم إن
كنتم غير مدينين ، وحالتكم أنكم تشاهدون ذلك ، ونحن أقرب إلى المحتضر منكم بعلمنا
، أو بالملائكة ، ولكنكم لا تشاهدون ذلك ، و «لولا» الثّانية تكرار للأولى.
الرابع
: الاستفهام ، نحو : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي
إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) [المنافقون : ١٠] ، (لَوْ لا أُنْزِلَ
عَلَيْهِ مَلَكٌ) [الأنعام : ٨]. قاله الهروي ، وأكثرهم لا يذكره ، والظاهر أن الأولى للعرض
، وأن الثانية مثل : (لَوْ لا جاؤُ
عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) [النور : ١٣].
وذكر الهروي
أنها تكون نافية بمنزلة «لم» ، وجعل منه : (فَلَوْ لا كانَتْ
قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) [يونس : ٩٨] ، والظاهر أن المعنى على التّوبيخ ، أي : فهلا كانت قرية واحدة
من القرى المهلكة تابت عن الكفر قبل مجيء العذاب فنفعها ذلك ، وهو تفسير الأخفش
والكسائي والفرّاء وعليّ بن عيسى والنحّاس ، ويؤيّده قراءة أبيّ وعبد الله : فهلا
كانت ، ويلزم من هذا المعنى النفي ، لأن التوبيخ يقتضي عدم الوقوع ، وقد يتوهّم أن
الزمخشري قائل بأنها للنفي لقوله : «الاستثناء منقطع بمعنى «لكن» ، ويجوز كونه
متّصلا والجملة في معنى النفي ، كأنه قيل : «ما آمنت» ولعلّه إنما أراد ما ذكرنا ،
ولهذا قال : «والجملة في معنى النفي» ، ولم يقل : «ولو لا للنفي» ، وكذا قال في : (لو
لا (إِذْ جاءَهُمْ
بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) [الأنعام : ٤٣] : معناه نفي التضرّع ، ولكنه جيء بـ «لولا» ليفاد أنهم لم
يكن لهم عذر في ترك التضرّع إلا عنادهم وقسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم التي زيّنها
الشيطان لهم. ا ه.
فإن احتجّ محتج
للهروي بأنه قرىء بنصب (قَوْمَ) على أصل الاستثناء ، ورفعه على الإبدال ، فالجواب أنّ
الإبدال يقع بعد ما فيه رائحة النفي ، كقوله [من البسيط] :
٢٦٢ ـ [وبالصّريمة منهم منزل خلق]
|
|
عاف تغيّر
إلّا النّؤي والوتد
|
فرفع لما كان «تغيّر»
بمعنى : لم يبق على حاله. وأدقّ من هذه قراءة بعضهم
__________________