وتبعه ابنه
فيما كتب على التسهيل ، وذلك وهم فاحش.
ولامتداد
النّفي بعد «لمّا» لم يجز اقترانها بحرف التعقيب ، بخلاف «لم». تقول :
«قمت فلم تقم»
، لأن معناه : وما قمت عقيب قيامي ؛ ولا يجوز «قمت فلما تقم» لأن معناه : وما قمت
إلى الآن.
الثالث : أن منفي «لمّا» لا يكون إلا قريبا من
الحال ، ولا يشترط ذلك في منفي «لم» ، تقول : لم يكن زيد في
العام الماضي مقيما ، ولا يجوز «لمّا يكن». وقال ابن مالك : لا يشترط كون منفي «لمّا»
قريبا من الحال مثل : «عصى إبليس ربّه ولمّا يندم» ، بل ذلك غالب لا لازم.
الرابع
: أن منفيّ «لمّا» متوقّع ثبوته ،
بخلاف منفي «لم» ، ألا ترى أن معنى
: (بَلْ لَمَّا
يَذُوقُوا عَذابِ) [ص : ٨] أنهم لم يذوقوه إلى الآن ، وأن ذوقهم له متوقّع. قال الزمخشري في (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي
قُلُوبِكُمْ) [الحجرات : ١٤] : ما في «لمّا» من معنى التوقع دالّ على أن هؤلاء قد آمنوا
فيما بعد ، ا ه. ولهذا أجازوا «لم يقض ما لا يكون» ومنعوه في «لمّا».
وهذا الفرق
بالنسبة إلى المستقبل ، فأما بالنّسبة إلى الماضي فهما سيّان في نفي المتوقّع
وغيره. مثال المتوقّع أن تقول : «ما لي قمت ولم تقم» ، أو «ولمّا تقم» ، ومثال غير
المتوقّع أن تقول ابتداء : «لم تقم» ، أو «لما تقم».
الخامس
: أن منفي «لمّا» جائز الحذف لدليل ، كقوله [من الوافر] :
٢٧٥ ـ فجئت قبورهم بدأ ، ولمّا ،
|
|
فناديت
القبور فلم يجنبه
|
أي : ولمّا أكن
بدأ قبل ذلك ، أي : سيّدا ، ولا يجوز «وصلت إلى بغداد ولم» تريد ولم أدخلها ، فأما
قوله [من الكامل] :
٢٧٦ ـ احفظ وديعتك الّتي استودعتها
|
|
يوم الأعازب
، إن وصلت وإن لم
|
فضرورة.
وعلة هذه
الأحكام كلّها أن «لم» لنفي «فعل» ، و «لمّا» لنفي «قد فعل».
__________________