وهذا محتمل لتقدير ضمير الشأن كما تقدّم في «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون».
وفيها عشر لغات مشهورة ، ولها معان :
أحدها : التوقّع ،وهو : ترجّي المحبوب والإشفاق من المكروه ، نحو : «لعل الحبيب قادم ، ولعل الرقيب حاصل» ، وتختصّ بالممكن ، وقول فرعون : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ) [غافر : ٣٦ ـ ٣٧] ، إنما قاله جهلا أو مخرقة وإفكا.
الثاني : التعليل ، أثبته جماعة منهم الأخفش والكسائي ، وحملوا عليه : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (٤٤) [طه : ٤٤] ، ومن لم يثبت ذلك يحمله على الرجاء ، ويصرفه للمخاطبين ، أي : اذهبا على رجائكما.
الثالث : الاستفهام ، أثبته الكوفيّون ، ولهذا علّق بها الفعل في نحو : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) [الطلاق : ١] ، ونحو : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) (٣) [عبس : ٣]. قال الزمخشري : وقد أشربها معنى «ليت» من قرأ (فَأَطَّلِعَ) [غافر : ٣٧] ا ه ؛ وفي الآية بحث سيجيء.
ويقترن خبرها بـ «أن» كثيرا حملا على «عسى» ، كقوله [من الطويل] :
٢٩٣ ـ [لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة] |
|
عليك من اللّائي يدعنك أجدعا (١) |
وبحرف التّنفيس قليلا ، كقوله [من الطويل] :
٢٩٤ ـ فقولا لها قولا رقيقا لعلّها |
|
سترحمني من زفرة وعويل (٢) |
وخرّج بعضهم نصب (فَأَطَّلِعَ) على تقدير «أن» مع أبلغ كما خفض المعطوف من بيت زهير [من الطويل] :
٢٩٥ ـ بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى، |
|
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا (٣) |
على تقدير الباء مع «مدرك».
__________________
(١) البيت من الطويل ، لمتم بن نويرة في ديوانه ص ١١٩ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٤٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٦٧ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٩١.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لعبد الله بن مسلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين ٢ / ٩٠٩ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٥ / ٣٤٥.
(٣) البيت من الطويل وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٨٧ ، وتخليص الشواهد ص ٥١٢ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٩٢ ـ ٤٩٦ ، والدرر ٦ / ١٦٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٨٢.