و «خيرك» : اسم «كان» ، و «كله» : توكيد له ، والجملة خبر «ليت» ، وأما «وشرّك» فيروى بالرفع عطفا على «خيرك» فخبره إمّا محذوف تقديره كفافا ؛ فـ «مرتو» : فاعل بـ «ارتوى» ؛ وإما «مرتو» على أنه سكّن للضرورة ، كقوله [من الطويل] :
٣٠٠ ـ ولو أنّ واش ، باليمامة داره ، |
|
وداري بأعلى حضرموت ، اهتدى ليا (١) |
وروي بالنصب : إما على أنه اسم لـ «ليت» محذوفة ، وسهّل حذفها تقدّم ذكرها ، كما سهل ذلك حذف «كل» وبقاء الخفض في قوله [من المتقارب] :
٣٠١ ـ أكلّ امرىء تحسبين أمرأ |
|
ونار توقّد باللّيل نارا (٢) |
وإما على العطف على اسم «ليت» المذكورة إن قدّر ضمير المخاطب ، فأما ضمير الشأن فلا يعطف عليه لو ذكر فكيف وهو محذوف ، و «مرتو» على الوجهين مرفوع : إما لأنه خبر «ليت» المحذوفة ، أو لأنه عطف على خبر «ليت» المذكورة.
وعن الثاني بأنه ضمّن «مرتو» معنى «كافّ» ، لأن المرتوي يكفّ عن الشرب ، كما جاء (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) [النور : ٦٣] لأن يخالفون في معنى يعدلون ويخرجون ، وإن علّقته بـ «كفافا» محذوفا على وجه مرّ ذكره فلا إشكال.
وعن الثالث أنه إما على حذف مضاف أي شارب الماء ، وإما على جعل الماء مرتويا مجازا كما جعل صاديا في قوله [من الطويل] :
وجبت هجيرا يترك الماء صاديا
ويروى «الماء» بالنصب على تقدير «من» كما في قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [الأعراف : ١٥٥] ففاعل «ارتوى» على هذا «مرتو» ، كما تقول : ما شرب الماء شارب.
* (لكنّ) مشدّدة النون ـ حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر ، وفي معناها ثلاثة أقوال :
أحدها ، وهو المشهور : أنه واحد ، وهو الاستدراك ، وفسّر بأن تنسب لما بعدها
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للمجنون في ديوانه ص ٢٣٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٨٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٩٨ ، وبلا نسبة فى الدرر ١ / ١٦٦ ، وشرح الأشموني ١ / ٤٤.
(٢) البيت من المتقارب ، وهو لأبي دؤاد في ديوانه ص ٣٥٣ ، والأصمعيات ص ١٩١ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٩٢ ، والدرر ٥ / ٣٩ ، ولعدي بن زيد في ملحق ديوانه ص ١٩٩.