وللزمخشري غلطة عكس هذه الأخيرة ، فإنه جوّز مصدريّة «ما» في (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ) [هود : ١١٦] مع أنّه قد عاد عليها الضمير.
وندر وصلها بالفعل الجامد في قوله [من الطويل] :
٣٣١ ـ أليس أميري في الأمور بأنتما |
|
بما لستما أهل الخيانة والغدر (١) |
وبهذا البيت رجّح القول بحرفيّتها ، إذ لا يتأتّى هنا تقدير الضمير.
الوجه الثالث : أن تكون زائدة ، وهي نوعان : كافّة ، وغير كافّة.
والكافّة ثلاثة أنواع :
أحدها : الكافّة عن عمل الرفع ، ولا تتّصل إلّا بثلاثة أفعال : «قلّ» ، و «كثر» ، و «طال» ، وعلّة ذلك شبههنّ بـ «ربّ». ولا يدخلن حينئذ إلا على جملة فعليّة صرّح بفعلها ، كقوله [من الخفيف] :
٣٣٢ ـ قلّما يبرح اللّبيب إلى ما |
|
يورث المجد داعيا أو مجيبا (٢) |
فأما قول المرّار [من الطويل] :
٣٣٣ ـ صددت فأطولت الصّدود ، وقلّما |
|
وصال على طول الصّدود يدوم (٣) |
فقال سيبويه : ضرورة ، فقيل وجه الضرورة أن حقّها أن يليها الفعل صريحا والشّاعر أولاها فعلا مقدّرا ، وأن «وصال» مرتفع بـ «يدوم» محذوفا مفسّرا بالمذكور ؛ وقيل :
وجهها أنه قدّم الفاعل ، وردّه ابن السيد بأن البصريّين لا يجيزون تقديم الفاعل في شعر ولا نثر ؛ وقيل : وجهها أنه أناب الجملة الاسمية عن الفعلية ، كقوله [من الطويل] :
٣٣٤ ـ [ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة |
|
إليّ] فهلا نفس ليلى شفيعها (٤) |
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ٣٣٢ وشرح شواهد المغني ٧١٧.
(٢) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ٣٠٤ وشرح التصريح ١ / ١٨٥ ، وشرح شواهد المغني ص ٣٠٦.
(٣) البيت من الطويل ، وهو للمرار الفقعسي في ديوانه ص ٤٨٠ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٢٦ والدرر ٥ / ١٩٠ ، وشرح المغني ٢ / ٧١٧.
(٤) البيت من الطويل ، وهو للمجنون في ديوانه ص ١٥٤ ، ولإبراهيم الصولي في ديوانه ص ١٨٥ ولابن الدمينة في ملحق ديوانه ص ٢٠٦.