وزعم المبرّد أن «ما» زائدة ، و «وصال» : فاعل لا مبتدأ ؛ وزعم بعضهم أن «ما» مع هذه الأفعال مصدريّة لا كافّة.
والثاني : الكافّة عن عمل النصب والرفع وهي المتّصلة بـ «إنّ» وأخواتها ، نحو : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [النساء : ١٧١] ، (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) [الأنفال : ٦] ، ونسمّي المتلوّة بفعل مهيّئة ؛ وزعم ابن درستويه وبعض الكوفيّين أن «ما» مع هذه الحروف اسم مبهم بمنزلة ضمير الشأن في التّفخيم والإبهام ، وفي أن الجملة بعده مفسّرة له ، ومخبر بها عنه ، ويردّه أنها لا تصلح للابتداء بها ، ولا لدخول ناسخ غير «إنّ» وأخواتها ؛ وردّه ابن الخبّاز في شرح الإيضاح بامتناع «إنما أين زيد» مع صحّة تفسير ضمير الشأن بجملة الاستفهام ، وهذا سهو منه ؛ إذ لا يفسّر ضمير الشأن بالجمل غير الخبريّة اللهمّ إلا مع «أن» المخّفّفة من الثّقيلة فإنه قد يفسّر بالدعاء ، نحو : «أما أن جزاك الله خيرا» ، وقراءة بعض السبعة (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) [النور : ٩] ، على أنّا لا نسلم أن اسم «أن» المخفّفة يتعيّن كونه ضمير شأن ؛ إذ يجوز هنا أن يقدّر ضمير المخاطب في الأول والغائبة في الثاني ؛ وقد قال سيبويه في قوله تعالى : (أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) [الصافات : ١٠٤ ـ ١٠٥] إن التقدير : أنك قد صدقت ؛ وأما (إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ) [الأنعام : ١٣٤] ، (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) [لقمان : ٣٠] ، (إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [النحل : ٩٥] ، (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) [المؤمنون : ٥٥] ، (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) [الأنفال : ٤١] فـ «ما» في ذلك كله اسم باتّفاق ، والحرف عامل ، وأما (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) [البقرة : ١٧٣] ، فمن نصب «الميتة» فـ «ما» : كافّة ؛ ومن رفعها ـ وهو أبو رجاء العطاردي ـ فـ «ما» : اسم موصول ، والعائد محذوف ؛ وكذلك (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ) [طه : ٦٩] فمن رفع «كيد» فـ «إنّ» عاملة و «ما» موصولة والعائد محذوف ، لكنه محتمل للاسميّ والحرفيّ ، أي : إن الذي صنعوه ، أو إن صنعهم ؛ ومن نصب ـ وهو ابن مسعود والربيع بن خيثم ـ فـ «ما» كافّة ؛ وجزم النحويّون بأن «ما» كافّة في (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] ، ولا يمتنع أن تكون بمعنى الذي ، والعلماء خبر ، والعائد مستتر في «يخشى».
وأطلقت «ما» على جماعة العقلاء ، كما في قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء : ٣] ، (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣] وأما قول النابغة [من البسيط] :