٣٣٥ ـ قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
[إلى حمامتنا أو نصفه فقد](١) |
فمن نصب «الحمام» ، وهو الأرجح عند النحويين في نحو : «ليتما زيدا قائم» فـ «ما» : زائدة غير كافّة ، و «هذا» : اسمها ، و «لنا» : الخبر ، قال سيبويه : وقد كان رؤبة بن العجّاج ينشده رفعا ، ا ه. فعلى هذا يحتمل أن تكون «ما» كافّة ، و «هذا» مبتدأ ؛ ويحتمل أن تكون موصولة و «هذا» خبر لمحذوف ، أي : ليت الذي هو هذا الحمام لنا ؛ وهو ضعيف ، لحذف الضمير المرفوع في صلة غير «أيّ» مع عدم الطول ، وسهل ذلك لتضمنه إبقاء الإعمال.
وزعم جماعة من الأصوليّين والبيانيين أن «ما» الكافّة التي مع «إنّ» نافية ، وأن ذلك سبب إفادتها للحصر ، قالوا : لأن «إنّ» للإثبات ، و «ما» للنفي ، فلا يجوز أن يتوجّها معا إلى شيء واحد ، لأنه تناقض ؛ ولا أن يحكم بتوجه النفي للمذكور بعدها ، لأنه خلاف الواقع باتّفاق ، فتعيّن صرفه لغير المذكور وصرف الإثبات للمذكور ، فجاء الحصر.
وهذا البحث مبنيّ على مقدّمتين باطلتين بإجماع النحويين ، إذ ليست «إنّ» للإثبات ، وإنما هي لتوكيد الكلام إثباتا كان مثل «إنّ زيدا قائم» ، أو نفيا مثل «إنّ زيدا ليس بقائم» ، ومنه : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) [يونس : ٤٤] ؛ وليست «ما» للنفي ، بل هي بمنزلتها في أخواتها «ليتما» و «لعلّما» و «لكنّما» و «كأنّما» ، وبعضهم ينسب القول بأنها نافية للفارسيّ في كتاب الشيرازيّات ، ولم يقل ذلك الفارسيّ لا في الشيرازيّات ولا في غيرها ، ولا قاله نحوي غيره ، وإنما قال الفارسيّ في الشيرازيّات : إن العرب عاملوا «إنما» معاملة النفي و «إلا» في فصل الضمير كقول الفرزدق [من الطويل] :
٣٣٦ ـ [أنا الذّائد الحامي الذّمار] ، وإنّما |
|
يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي (٢) |
فهذا كقول الآخر [من السريع] :
٣٣٧ ـ قد علمت سلمى وجاراتها |
|
ما قطّر الفارس إلّا أنا (٣) |
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٢٤ والأزهية ص ٨٩ ـ ١١٤ والأغالي ١١ / ٣١ ، والإنصاف ٢ / ٤٧٩.
(٢) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ١٥٣ ، وتذكرة النحاة ص ٨٥ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٦٥ ، والدرر ١ / ١٩٦ ، ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٤٨ ، وبلا نسبة من الأشباه والنظائر ٢ / ١١١ ـ ١١٤.
(٣) البيت من السريع ، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص ١٦٧ ، والأغاني ١٥ / ١٦٩ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٤١١.